2006-01-04 • فتوى رقم 1019
ما حكم استخدام الحناء الاسود؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أولاً : صبغ الشيب سنة جاء بها الإسلام، وتكون في شيب الرأس واللحية للرجال، وللنساء في شعر الرأس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم". رواه البخاري(3275) ومسلم(2103).
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: يا معشر الأنصار حمِّروا وصفِّروا وخالفوا الأعاجم. رواه أحمد(21780).
والحديث: حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في"الفتح"(10 / 354).
ثانياً : أما تغيير الشيب بالسواد فهذا حرام عند جمهور العلماء، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى أبا قحافة، يقول جابر: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضاً قال:(غيِّروا هذا ..". رواه مسلم(2102).
ولحديث : "يكون أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة". رواه أبو داود(4212) والنسائي(5075).
والحديث قال ابن حجر: إسناده قوي، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع. "فتح الباري" (6 / 499).
ثالثاً : أما الكتم قال ابن حجر:
والكتم نبات باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة وصبغ الحناء أحمر فالصبغ بهما معا يخرج بين السواد والحمرة. "فتح الباري"(10 / 355).
رابعاً : هل صبغ الصحابة بالكتم؟
نعم فعلوه وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن عثمان بن عبد الله بن وهب قال: دخلنا على أم سلمة رضي الله عنها فأخرجت إلينا شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوباً (أحمر). رواه البخاري (5558) زاد ابن ماجه(3623) وأحمد(25995): "بالحناء والكتم".
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم". رواه الترمذي(1753) وأبو داود(4205) وابن ماجه(3622). والحديث: قال الترمذي عنه: حسن صحيح.
وقد خضب أبو بكر رضي الله عنه بالحناء والكتم. رواه مسلم(2341).
خامساً : يلاحظ أن الأحاديث التي ذكرت الكتم جعلته مقروناً بالحناء لأنَّ المراد بالأحاديث صبغ الشعر بالكتم مخلوطاً بالحناء.
يقول ابن القيم:
إن النهي هو عن التسويد البحت فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر كالكتم ونحوه فلا بأس به فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود، بخلاف الوسمة فإنها تجعله أسود فاحماً، وهذا هو الصحيح. "زاد المعاد" (4 / 336).
والوسْمة: نبيت يخضب به.
بهذا نعلم أن الكتم لا يستخدم وحده لأنه يعطي اللون الأسود الفحم الخالص، ولكن يستعمل مع الحناء ليعطي لوناً أسود مشرباً بالحمرة، وهكذا نجمع بين الأحاديث.
وذهب كثيرون إلى جواز الصبغ بالأسود، وإن كان الأول أقوى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.