2007-02-06 • فتوى رقم 10413
إخواني في الله: أود أولاً أن أتوجه إليكم بالشكر على ما تبذلونه لتعريفنا نحن العامة بأمور ديننا، وجزاكم الله كل خير، لأننا ككثير من الشباب لا نعرف سوى اليسير في أمور ديننا الحنيف، وقد قرأت فتاوي كثيرة متعلقة بالغش في الثانوية، وقد أفتوا بأن من تاب فعمله حلال، لأن العبرة ليست بالشهادة، بل بالعمل إذا كان يحسنه.
ولكنكم قلتم أن أمواله حرام.
دعوني أتناول معكم هذه القضية بالنقاش، لأن الأمر أصابني في بداية حياتي، وأصبحت في حيرة من أمري، وتلك قصتي:
أنا مهندس أبلغ من العمر 31 عاماً،ً والحمد لله أتقن عملي بشهادة الجميع، ومتزوج ولي طفل عمره ثلاث سنوات، وتعتريني أفكار أرجو من حضراتكم قراءتها.
غششت في الثانوية وحصلت بالغش على حوالي 12 درجة، وحصلت على مجموع 89.5 %، وكان هذا المجموع هو بالضبط الحد الأدنى لدخولي كلية الهندسة، دخلت كلية الهندسة وندمت وتبت من الغش، ونجحت بمجهودي دون غش، وكان من الممكن أن أعين معيداً ولكنني فضلت الحياة العملية، ولكن بعد ذلك جاءتني فكرة الغش في الثانوية، فأخذت أفكر ماذا أفعل، وقرأت فتاوى كثيرة، منها من قال: إن التوبة تجب ما قبلها، ومن قال: لا بد من العودة للامتحان مرة أخرى، ومن نبت لحمه من حرام فالنار أولى به، فقررت أن ألجأ إلى موقعكم الذي ألجأ إليه في كثير من مشاكلي، وقرأت فتواكم وأنكم تحرمون مال من غش في الثانوية، ولكنني لدي بعض النقاط أفكر فيها:
أولاً: أنا أخذت 12 درجة ليست من حقي، ودخلت كلية ليست من حقي، وإن كنت نجحت فيها دون غش بامتياز مع مرتبة الشرف، ولكنها في الأصل ليست من حقي، وطبيعي أن أكون أخذت حق زميل لي آخر ربما يكون قد دخل كلية أدنى درجة، وقد تكون على سبيل المثال كلية الإعلام، ولا سبيل لإرجاع هذا الحق له، وربما يكون هو قد وفق في هذه الكلية بشكل أفضل لو دخل الهندسة.
ثانياً: إنني وكنت لا أستحق كلية الهندسة، فأنا أستحق بعد خصم 12 درجة كلية الحاسبات والمعلومات، ولكنني لم أدخلها ولا سبيل لي الآن أن أعود إليها بعد هذه الفترة.
ثالثاً: بما أنني غششت فأستحق الفصل طبقاً للقانون لمدة عامين، فبالتالي لا أستحق حتى الثانوية التي نجحت فيها بمجموع كبير، حتى بعد خصم 12 درجة الخاصة بالغش.
رابعاً: قرأت فتواكم بخصوص هذا الأمر، وأنه يلزم إعادة الامتحان، ولكن كيف أعيد الامتحان بعد هذه الفترة، وإن كنت لا استحق الهندسة فإنني كنت أستحق الحاسبات مثلا.
أتعذب بسبب هذا الأمر وأفكر في ترك الهندسة، ولكن هناك بعض المشاكل، هي:
أولاً: أنا متزوج، وتزوجت من طبيبة نساء، وعندي ولد عمره ثلاث سنوات، وقد تزوجت من فلوسي التي حصلت عليها من الهندسة، فزواجي تم بأموال أظن أنها حرام، فهل معنى هذا أن هذا الزواج مبني على باطل، لأن الأموال من حرام، ولسبب آخر أن زوجتي جزاها الله كل خير ذات مؤهل عال، وأني لا استحق حتى الثانوية لأنني من المفروض أن أفصل عامين بسبب الغش، فلا يوجد تكافؤ.
ثانياً: زوجتي الحمد لله لديها بعض الأموال، أفكر في استثمارها في مشروع، ولكنني أفكر أيضاً في أنني لا أستحق ذلك أيضاً، لأنني تعرفت على زوجتي وتزوجتها عبر فلوسي من الهندسة، فالعلاقة مبنية على حرام.
ثالثاً: ابني هذا الذي أربيه من أموال أظن أنها حرام، وبعد عامين سأبدأ أعلمه من هذه الأموال، وأفكر حتى وإن تركت الهندسة فيما بعد فإنني فيما بعد إذا أصبحت شيخاً وتولى ابني الإنفاق علي سيكون حراماً بالنسبة لي، لا بالنسبة له، لأنني علمته من حرام.
رابعاً: حتى إذا حاولت أن أبدأ من جديد وعملت مشروعا فالشقة التي أسكن فيها من أموالي، ولن أستطيع أن أترك كل شيء، ومسئولياتي تجاه عائلتي مرة واحدة، كما أنني عندي سيارة، ولو استغللتها في الذهاب إلى عملي فسيكون حراماً.
خامساً: لو بدأت مشروعا وتخلصت من أموالي كلها، فهل إذا أكلت من أموال زوجتي سيكون حراماً، لأن معرفتي بها جاءت عن طريق الهندسة، وماذا أفعل في شقتي وأثاثها؟
كلما أفكر في ترك الهندسة أفكر أنني أستحق بعد خصم 12 درجة كلية الحاسبات، وبما إنني نجحت في الهندسة فربما كنت أنجح بنفس الدرجة في الحاسبات، وأعود أفكر أنني لا أستحق حتى كلية الحاسبات، لأنني استحق الفصل لمدة عامين في الثانوية، وإن كنت أستحق المجموع العالي الذي يدخلني كلية الحاسبات، وماذا أفعل لمن أكون قد أخذت حقه، لأنني لا يمكن أن أعرفه، لأننا في الثانوية متنافسون على كليات القمة، وكما قال أحد السائلين: إننا كمن يتنافسون على مقعد في البرلمان، ونجح نائب برلماني في مجلس الشعب بالتزوير وذهب الآخر إلى مجلس الشورى مثلاً لأنه جاء في المرتبة الثانية.
أعلم أنني أثقلت عليكم، وأتمنى ألا تحيلوني إلى الفتاوى الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع، وأرجو من حضرتكم أن تردوا على حالتي هذه، لأنني أتعذب، وأنا أرى ابني وأظن أني أعلمه من حرام، وأرى زوجتي ذات مؤهل عال، وأنا حتى لا أستحق الثانوية.
عذرا على الإطالة، وأرجو الرد لتريحوني.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فما دام الأمر كما ذكرت، فأرشدك إلى التوبة والاستغفار عما بدر منك في السابق مع الندم، وعدم العودة لذلك في المستقبل.
وأرجو أن يكون ذلك كفارة لما سبق أن بدر منك، ويطيب بذلك كسبك إن شاء الله تعالى، ويغفر لك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.