2007-02-23 • فتوى رقم 10578
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج، ولدي طفلان والحمد الله، قبل الزواج أخبرت الفتاة التى أريد الزواج منها بارتباطى الشديد بوالدتى، وأنها سوف تعيش معنا فى المنزل (والدي متوفى رحمة الله عليه), ذلك رغم وجود إخوتى وأخواتى، وكلهم متزوجين، ورغم العلاقة الطيبة بين إخوتى ووالدتى، ولكن هناك علاقة حب تربطنى مع والدتى.
وافقت زوجتى ورحبت وتم الزواج، ولكن كانت هناك مشاكل كثيرة بين والدتى وزوجتى, وأنا كنت شديداً على زوجتي وكنت باراً بوالدتى، وأحاول أن أسوي المشاكل بالعدل والحكمة، ولسوء حظي كان لدور أهلي وأهل زوجتي زيادة فى المشاكل.
عموما فترة صفاء وفترة مشاكل، زوجتى تخطئ وأهلي وأهلها يخطئون، أنجبت طفلتى الأولى وكان لها أثر فى تحسن نسبي فى العلاقة بين زوجتى ووالدتى، كنت أحنو كثيراً على والدتى، وأعاملها بالحسنى خاصة وأنها كبيرة فى العمر، وكنت أصر على زوجتى أن تعاملها بالحسنى، وكانت مقيمة معنا، وكنا نأكل مع بعض لا يفرقنا إلا النوم.
وكل احتياجاتها أنا استجيب لها (من ملابس ونظافة وعلاج وغيره) وأنا سعيد مبسوط فرح بذلك، ولكن حدثت مشكلة ما بينى وبين زوجتى بسبب أنها احتدت فى النقاش مع والدتى فى سبب تافه، مما جعلنى أرسل زوجتى لأهلها، ولكى لا تغضب والدتى وتشعر أنها السبب فى المشكلة وقد تضطر إلى تركي والذهاب إلى أحد إخوانى ذهبت إلى زوجتى لكى ترجع واعتذرت لها, ولكنها رفضت الرجوع بسبب أنها فى أيام وضع، وهى فعلا كان باقى لها شهر ونصف لأن تضع، ولكن كانت وجهة نظري أن ترجع لبيتى ثم تذهب بطريقة عادية إلى بيت أهلها للولادة.
عموما أنا كذبت على والدتى، وقلت لها أن زوجتى ذهبت إلى بيت والدها، وتعبت بسبب الولادة، والأفضل نتركها أن تضع عند أهلها، وصدقت والدتى وقبلت الذهاب إلى بيت أخي الكبير إلى حين عودة زوجتي بعد الولادة، كنت أزورها يومياً فى بيت أخى الكبير، وأبدا لم أقصر معها فى كل طلباتها، وكانت النية رجوعها بعد وضع زوجتي، لأنه ليس هناك من يخدمها فى بيتى، خاصة وأنا أذهب للعمل صبحاً وأرجع في المساء، ولكن ساءت صحتها عند أخى الكبير وكنت متابعاً لعلاجها, وبعد 10 أيام توفيت إلى رحمة مولاه.
كان وما زال حزني عميقاً، أبكى الليل والنهار لفراقها، على العموم هذا قدر الله، العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الله، قررت بفضل الله بر والدتى ووالدي بعد الممات، والحمدالله لهم مني الدعاء كثيراً والاستغفار, وقمت ببعض الصدقات لهم وما زلت مستمراً, وبفضل لله وتسخيره قمت بالحج نيابة عن والدتى والعمرة نيابة عن والدي.
وإن شاء الله وبفضله لن أتركهم فى الممات، ولكن يا فضيلة الشيخ: زوجتى رجعت بعد الوضع، والآن هى معى فى بيتى، ومعنا طفلان، أنا لست مقصراً فى كل طلباتهم بما يرضى الله ورسوله، وأيضاً علاقتى بأهلى وأهلها طيبة فى سبيل بر الوالدين، ولكن هناك شيء فى نفسى تجاه زوجتى للمعاملة الغير طيبة فى بعض الأحيان، وللكذب على والدتى، مع العلم أني كذبت عليها حفاظا على شعورها وصحتها، هذا الشيء يؤثر على سير العلاقة مع زوجتى، أنا الآن لا أكرهها وأحب أولادي كثيراً، وهى إنسانة ملتزمة وتسمع كلامى, ولكن ما حصل لوالدتى لا أقدر على نسيانه.
قرأت أن الصبر والصفح والعفو والمغفرة من الإنسان للإنسان واجب، وفيه الأجر العظيم، ماذا أفعل سيدي الشيخ؟
وماذا يقول الاسلام فى مثل حالتى التى ذكرتها لكم؟
وماهى نصائحكم: هل اعفو وأصفح وأستمر فى حياتي بما يرضى الله ورسوله، أم ماذا؟
آسف للإطالة، وجزاكم الله خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأرشدك إلى العفو والصفح عن ما مضى من زوجتك، خاصة وأنها ملتزمة كما ذكرت، وأن تبقى باراً بوالديك بعد مماتهما -بفعل لطاعات وهبة ثوابها لهما- كما كنت باراً بهما في حياتهما.
وأدعو الله تعالى أن يرحم والديك، ويوفقك وأهلك إلى كل خير، وكذبك على والدتك سابقا مأذون به شرعا، لأنه لإصلاح ذات البين، ولا إثم فيه عليك إن شاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.