2007-02-27 • فتوى رقم 10776
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت سيرة أئمة المذاهب الفقهية الأربعة، فلم أجد في سيرة أي منهم ما يشير إلى اعتناقه مذهباً فقهياً واحداً، والسؤال: متى نشأت فكرة المذاهب الفقهية الأربعة، وفي أي زمن تم إجماع علماء السنة على هذه المذاهب؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
تعود نشأة المذاهب الفقهية إلى بداية الإسلام، و خاصة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث اجتهد الصحابة والتابعون والمسلمون عامة في تطبيق النصوص الشرعية وفهمها.
وقد نشأت هذه المذاهب كمدارس فقهية لتلبية حاجة المسلمين الماسة إلى معرفة أحكام دينهم، وإنزال هذه الأحكام على الوقائع الجديدة، وهذه الحاجة إلى الفقه قائمة في كل زمان لتنظيم علاقات الناس الاجتماعية من خلال معرفة حقوق كل إنسان وواجباته، وتبيان المصالح المتجددة ودرء المفاسد المتأصلة والطارئة.
وهي مذاهب اجتهادية أعوزت إليها الوقائع اللامتناهية، التي لا يمكن أن تضبطها النصوص المتناهية، فقامت لإيجاد حل شرعي.
وكان من عوامل اشتهار مذاهب الأئمة الأربعة وكثرة أتباعهم واشتهار مذاهبهم دون غيرهم، أنها حفظت ودونت، فالناس كانوا قبل الأئمة الأربعة لم يدونوا مذاهبهم، ولا كثرت الوقائع عليهم.
وقد أراد الله تعالى لهذه المذاهب أن تحفظ أصولاً وفروعًا وقواعد، قال الإمام ابن رجب الحنبلي: اقتضت حكمة الله سبحانه أن ضبط الدين وحفظه، بأن نصب للناس أئمة مجتمعاً على علمهم ودرايتهم، وبلوغهم الغاية المقصودة في مرتبة العلم بالأحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث، فصار الناس كلهم يعوِّلون في الفتاوى عليهم، ويرجعون في معرفة الأحكام إليهم، وأقام الله من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم، حتى ضبط مذهب كل إمام منهم وأصوله وقواعده وفصوله، حتى ترد إلى ذلك الأحكام ويضبط الكلام في مسائل الحلال والحرام، وكان ذلك من لطف الله بعباده المؤمنين، ومن جملة عوائده الحسنة في حفظ هذا الدين.
والمذاهب التي اشتهرت ودونت مسائلها هي المذاهب الأربعة المعروفة (مذهب أبي حنيفة النعمان، مذهب مالك بن أنس، مذهب محمد بن إدريس الشافعي، مذهب أحمد بن حنبل)، وكلها كانت في القرن الثاني الهجري.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.