2007-03-01 • فتوى رقم 10831
السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم شخص اعتدى على أحد أقربائه بالضرب والسب، فوجد نفسه نادماً على ما فعل بعد وفاة القريب، فهل سيحاسب أم أن التوبة تجزئه، مع العلم إذا تصفح كل منا ذاكرته يجد نفسه ارتكب ذلك مرات ومرات نظرا لضعف الإيمان والانفعال؟
أفتونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار).
فعلى الفرد إذا وقع في معصية أن يبادر للتوبة والاستغفار، قال تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) [هود:114].
فإن تبت توبةً نصوحاً عما سبق وبدر منك فإن الله سبحانه وتعالى سيرضي خصمك يوم القيامة عنك إن شاء الله تعالى، فقد أخرج الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؟ قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يارب خذلي مظلمتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالى للطالب: فكيف بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب فليحمل من أوزاري قال: وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: إن ذاك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يارب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ؛ لأي نبي هذا أو لأي صديق هذا أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب، ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا، قال: بعفوك عن أخيك قال: يارب فإني قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: فخد بيد أخيك فادخله الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: اتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المسلمين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.