2007-03-23 • فتوى رقم 11455
في سورة الغاشية ذكر الله تعالى الإبل والسماء والجبال والأرض، لماذا خص الابل بالذكر من بين جميع الحيوانات؟
وما هو موضع الإعجاز في ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:17-20]
لما تقدم التذكير بيوم القيامة ووصف حال أهل الشقاء بما وصفوا به، وكان قد تقرر فيما نزل من القرآن أن أهل الشقاء هم أهل الإشراك بالله، فُرع على ذلك إنكارٌ إعراضَهم عن النظر في دلائل الوحدانية.
وقد عُدّت أشياءُ أربعة هي من النَّاظرين عن كَثب لا تغيب عن أنظارهم، وعُطف بعضها على بعض، فكان اشتراكها في مرْآهم جهةً جامعة بينها بالنسبة إليهم، فإنهم المقصودون بهذا الإِنكار والتوبيخ، فالذي حسَّن اقتران الإِبل مع السماء والجبال والأرض في الذكر هنا، هو أنها تنتظم في نظر جمهور العرب من أهل تهامة والحجاز ونجد وأمثالها من بلاد أهل الوبر والانتجاع.
فالإبل أموالهم ورواحلهم، ومنها عيشهم ولباسهم ونسج بيوتهم وهي حمّالة أثقالهم، وقد خلقها الله خلقاً عجيباً بقوة قوائمها ويُسْر بُروكها لتيسير حمل الأمتعة عليها، وجَعَل أعناقها طويلة قوية ليمكنها النهوض بما عليها من الأثقال بعد تحميلها أو بعد استراحتها في المنازل والمبارك، وجعل في بطونها أمعاء تختزن الطعام والماء بحيث تصبر على العطش إلى عشرة أيام في السير في المفاوز مما يَهلك فيما دونه غيرها من الحيوان.
وكم قد جرى ذكر الرواحل وصفاتها وحمدها في شعر العرب، ولا تكاد تخلو قصيدة من طِوالهم عن وصف الرواحل ومزاياها. وناهيك بما في المعلقات وما في قصيدة كعب بن زهير.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.