2007-06-05 • فتوى رقم 14021
ما سبب وجود اختلاف بين القراءات للقرآن الكريم حسب الروايات (ورش, حفص...) حيث نجد اختلافاً في بعض الكلمات (نشرا في رواية, وبشرا في رواية أخرى...)؟
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالله سبحانه وتعالى لم يرسل رسولاً إلا بلسان قومه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِه﴾ِ [إبراهيم:4].
ولما كان العرب الذين نزل فيهم القرآن مختلفي اللهجات، أنزل الله تعالى كتابه على لهجاتهم ليتمكنوا من تلاوته وينتفعوا بما فيه من أحكام وشرائع، ولو نزل بلهجة واحدة لكان في ذلك من المشقة ما لا يخفى، وخاصة أن العرب في ذلك الوقت أمة أميَّة لا تكتب ولا تحسب، ومن الصعب على الإنسان أن يتحول من لهجته التي درج عليها إلى غيرها فورا، فلو كلف الله تعالى العرب مخالفة لهجاتهم التي درجوا عليها، لكان في ذلك مشقة وحرجا شديدا، وهذا الدين جاء برفع المشقة والحرج ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:78].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئ الصحابة بلهجاتهم، ليسهل على كل قبيلة تلاوته بما يوافق لهجتها، فلم يضيعوا منه جملة واحدة، ولم يغفلوا منه كلمة، بل ولا حرفاً ولا حركة ولا سكوناً، ونقله التابعون عن الصحابة على هذا الوجه من الإحكام والتحرير والإتقان والتجويد.
ثم إن جماعة من التابعين وأتباع التابعين كرسوا حياتهم، ووهبوا أعمارهم، وقصروا جهودهم على قراءة القرآن وإقرائه، وعنوا العناية التامة بضبط ألفاظه، وتجويد كلماته، وتحرير قراءاته، وتحقيق رواياته، وكان ذلك شغلهم الشاغل، وهدفهم الأوحد حتى صاروا في ذلك أئمة يقتدى بهم، ويرحل إليهم ويؤخذ عنهم، لذلك نسبت القراءة إليهم فقيل: قراءة فلان كذا وكذا، فنسبة القراءة إليهم نسبة ملازمة ودوام لا نسبة اختراع وابتداع.
ومن هؤلاء الذين انقطعوا للتعلم والتعليم القراء العشر أصحاب القراءات المعروفة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.