2007-04-25 • فتوى رقم 15075
السلام عليكم
لماذا قال الله تعالى في سورة يس:(وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى)، وفي سورة القصص: (وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى)؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالآيتان كل واحدة منها في سياق مختلف، وتتحدث عن رجل مختلف، ففي سورة القصص تتحدث عن سيدنا موسى وكيف جاءه رجل يعلمه بأن فرعون يطلبه للعقاب بعد أن قتل رجلاً من قوم فرعون، وأن هذا الرجل الناصح لموسى كان يسكن في أقصى المدينة حيث قصر فرعون.
أما في سورة يس فيذكر الله عز وجل قصة أصحاب القرية التي جاءهاالمرسلون فكذب أهل القرية الرسل، وهموا برجمهم، فجاء رجل مسرعاً يبلغُّ أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم، وفائدة ذكر أنه جاء من أقصى المدينة في الآية هنا الإِشارة إلى أن الإِيمان بالله ظهر في أهل ربض المدينة قبل ظهوره في قلب المدينة؛ لأن قلب المدينة هو مسكن حكامها وأحبار اليهود وهم أبعد عن الإِنصاف والنظر في صحة ما يدعوهم إليه الرسل، وعامة سكانها تبع لعظمائها لتعلقهم بهم وخشيتهم بأسهم، بخلاف سكان أطراف المدينة فهم أقرب إلى الاستقلال بالنظر وقلة اكتراثٍ بالآخرين؛ لأن سكان الأطراف غالبهم عملة أنفسهم لقربهم من البدو.
وبهذا يظهر وجه تقديم {من أقصا المدينة} على {رجل} للاهتمام بالثناء على أهل أقصى المدينة، وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لا يوجد في الوسط، وأن الإِيمان يسبق إليه الضعفاء لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترف وعظمة إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.