2007-06-05 • فتوى رقم 15084
السلام عليكم
قال تعالى: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآَيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ)؛ فكيف كانت آية انشقاق القمر، مع أنها ثبتث في الصحيحين؟
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآَيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء:59].
ففي هذه الآية كشف الله سبحانه وتعالى شبهة من شبه تكذيبهم، إذ كانوا يسألون النبي أن يأتيهم بآيات على حسب اقتراحهم، ويقولون: لو كان صادقاً وهو يطلب منا أن نؤمن به لجاءنا بالآيات التي سألناه، غروراً بأنفسهم أن الله يتنازل لمباراتهم.
والمعنى: أننا نعلم أنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن من قبلهم من الكفرة لما جاءتهم أمثال تلك الآيات.
فعلم الناس أن الإصْرار على الكفر سجية للمشرك لا يقلعها إظهار الآيات، فلو آمن الأولون عندما أظهرت لهم الآيات لكان لهؤلاء أن يجعلوا إيمانهم موقوفاً على إيجاد الآيات التي سألوها؛ قال تعالى: ﴿إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية﴾ [يونس:96-97].
والأظهر أن هذا تثبيت لأفئدة المؤمنين لئلا يفتنهم الشيطان، وتسلية للنبيء لحرصه على إيمان قومه، فلعله يتمنى أن يجيبهم الله لما سألوا من الآيات ولحزنه من أن يظنوه كاذباً.
ومن ذلك طلبهم الذي ذكره الله تعالى في سورة الفرقان، حيث قال: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً * تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً * بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً﴾ [الفرقان:7-11].
وهذا لا يعني أن لا يؤيد النبي ببعض المعجزات يتحدى بها قومه؛ لتكون برهاناً على صدق نبوته، ودليلاً على صحة ادعائه للنبوة، ليبين الصادق من المدعي، ومن ذلك معجزة انشقاق القمر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.