2007-05-22 • فتوى رقم 16487
أشكركم جزيل الشكر على الإجابة على كل أسئلتي، ولكني أرجو منكم أن تفيدوني فيما يتعلق بالفتوى التي أرسلتها لكم وأجبتم عليها تحت رقم ( 12975 )، حيث أنني لا أعرف بعد ما هي المهنة التي سأختارها بعد تخرجي من كلية الحقوق، فسواء عملت قاضياٍ أو محامٍيا، فسوف يقع أمامي قضايا جزائية أو تجارية، كثير من أحكامها مخالف للشرع (كعدم تطبيق الحدود الشرعية في الجرائم أو أخذ القانون المدني بنظام الفوائد) ففي مثل هذه الحالات، هل علي رفض هذه القضايا سواء كنت محامياً أو قاضياً؟ وهل المهن الأخرى جائزة استناداً لهذه الشهادة (موظف أو ضابط شرطة).
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فدراسة القانون الوضعي للتعرف عليه، ثم الأخذ منه بما لا يخالف أحكام الشريعة ورد ما يخالف الشريعة منه لا مانع منه، بل هو أمر مستحسن؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن فأينما وجدها التقطها، وليست القوانين الوضعية كلها مخالفة لأحكام الشريعة بل بعضها فقط، وكذلك تدريس القانون الوضعي فإنه جائز بقصد تبيين ما فيه من خير أو شر، ثم إن في دراسة القانون الوضعي وتدريسه التمكن من الرد عليه وبيان تفوق الحكم الشرعي عليه عند التحليل والمقارنة، (وبضدها تتميز الأشياء).
وأما تطبيقه بالنسبة للمحامين، فللمحامين أن يطلبوا تطبيق ما يوافق الشريعة منه، أما ما يخالف الشريعة فلا يجوز لهم أن يطلبوا تطبيقه أصلا، وهذا ميسور للمحامي، فيدافع عن موكله بما هو حقه شرعا، ويصرفه عما هو ليس من حقه شرعا، ويبين له ذلك وينصحه بعدم المطالبة به أصلا.
وأما القاضي فله أن يحكم بالقانون فيما لا يخالف الشرع ، وأما ما يخالف الشرع فعليه أن يحكم بالحكم الشرعي ولو خالف القانون ولو تعرض حكمه للنقض بعد ذلك.
وعليه فلا أرى ما نعا من دراسة القانون وتدريسه وامتهان المحاماة والقضاء بالضوابط السابقة، ولو نصح العلماء بترك القضاء والمحاماة لتولاها الجهال وأضاعوا الحقوق كلها.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.