2007-06-25 • فتوى رقم 17354
شيخنا الفاضل: السلام عليكم
أرجوكم أن تنصحوني.
أنا شاب عانيت في الطفولة من مشاكل عائلية، فأصبحت أفر من المنزل، ومع بلوغي انحرفت مع شلة من رفقاء السوء، فمرضت نفسي، وعندما ضاقت بي الأرض وضاقت علي نفسي لم أجد إلا الله ألجأ إليه، فتذوقت لذة القرب إليه.
المشكل أني من مدة أعاني من بعد عنه، وسبب ذلك المعاصي التي كثرت، ولم أقو على ردها لأسباب؛ منها: بعد المسجد عن البيت، وغياب من يعين علي الطاعة، حتي الأسرة فإنهم لا يبالون بإقامة الدين في البيت.
لقد حاولت ولا زلت أحاول النهوض، لكني لم أقو؛ فماذا أفعل؟
جزاكم الله، وكافأكم عنا بجلسة مع النبي صلي الله عليه وسلم في الجنة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأول ما أبشرك به وأن توبتك نصوحاً إن شاء الله تعالى هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الجليل عن الله عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي) رواه البخاري، فليكن ظنه بالله عز وجل خيرا، فإن الله هو الغفور الرحيم.
فالتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه:82]، وقال تعالى: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم﴾ [الزمر:53].
بل تنقلب السيئات إلى حسنات بفضل الله تعالى إن صدقت التوبة، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70].
علماً أنه إذا كان فيما سبق أكل لحق آدمي فلا بد من طلب السماح منه أو توفيته حقه.
ثم إن كنت تركت الصلاة أو صوم رمضان بعد بلوغك فعليه قضاؤه على مهلك؛ لأنه يبقى في ذمتك، ولك أجر التائبين إن شاء الله تعالى، وهو كبير عند الله تعالى.
وأرشدك بعد أن تبتعد عن رفقاء السوء أن تبحث عن رفقاء صالحين، فالمرء ينشط بأخيه على الطاعة، مع استمرارك بنصح أهلك بحكمة وموعظة حسنة، تنتهز وتكرر ذلك في الوقت الذي تجد فيه فرصة مناسبة لذلك بأسلوب حكيم، علهم يستجيبون لك في يوم من الأيام، ولا تكلف أكثر من ذلك معهم.
ثم إذا كان راضيا عن توبتك فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى.
وأدعو لك بالثبات على التوبة النصوح، والتوفيق لكل خير، والسعادة في الدارين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.