2007-06-28 • فتوى رقم 17679
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذنا الفاضل الكريم
نبارك لكم هذا الموقع المبارك العلمي الذي نستفيد منه كثيراً، ونحن معجبون بآرائكم الفقهية، ومسيرتكم العملية.
وهناك مسألة أحببت استشارتكم فيها.
والمسألة هي:
إن تجار العقارات والأراضي، الذين يملكون ربما ملايين الدولارات، لا يزكون هذه الأموال، ويستندون في تصرفهم هذا بمذهب الإمام مالك رحمه الله في تفريقه بين التاجر المدير والتاجر المحتكر، وأنهم ينطبق عليهم وصف التاجر المحتكر.
فما رأيكم في هذه المسألة الفقهية الدقيقة، دام فضلكم؟
وهل هنالك أي قرار فقهي حول هذه المسألة؟
أفيدونا، جزاكم الله كل خير.
المحب لكم: أحمد بدلة.
سوريا، حلب الشهباء.
00963944332257
---
شكراً جزيلاً لكم.
بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيرى المالكيّة أنّ التّاجر المحتكر (وهو الّذي يترصد بسلعه الأسواق وارتفاع الأسعار)يزكي عروضه (ومنها ما اشتري من الأراضي والعقارات بقصد التجارة) مرة واحدة عند بيعها وقبض ثمنها، فلو أقام العرض عنده سنين فلم يبعه، ثمّ باعه فليس عليه فيه إلاّ زكاة عامٍ واحدٍ، يزكّي ذلك المال الّذي يقبضه.
وعللوا ذلك بأن الزّكاة شرعت في الأموال النّامية، فلو زكّى التاجر المحتكر السّلعة كلّ عامٍ -وقد تكون كاسدةً- نقصت عن شرائها فيتضرّر، فإذا زكّيت عند البيع فإن كانت ربحت فالرّبح كان كامنًا فيها فيخرج زكاته; ولأنّه ليس على المالك أن يخرج زكاة مالٍ من مالٍ آخر.
أمّا عند سائر العلماء فإنّ المحتكر كغيره، عليه لكلّ حولٍ زكاة بحسب قيمة هذا المال في نهاية الحول، وهو الراجح عندي، لأنه مذهب الجمهور، ولأنه الأحوط، والأحتياط في العبادات من أدوات الترجيح.
إلا أن للمسلم أن يختار مما سبق من المذهبين ما يراه الأرجح، فكلاهما معتمد، وعليه فلا يبيح مذهب مما تقدم التهرب من الزكاة، بل الاختلاف في مقدارها فقط.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.