2007-07-16 • فتوى رقم 18377
هل يجب على المصلين استقبال عين القبلة؟ أم استقبال جهتها؟ وإذا كان الأول فسيؤدي ذلك للمشقة في تحديد القبلة من حيث الأبعد عن بيت الله العظيم، مع أن الشريعة قائمة على التيسير ورفع الحرج؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فمذهب الحنفيّة، وهو الأظهر عند المالكيّة والحنبلية، وهو قولٌ للشّافعيّ: أنّه يكفي المصلّي البعيد عن مكّة استقبال جهة الكعبة باجتهادٍ، وليس عليه إصابة العين، فيكفي غلبة ظنّه أنّ القبلة في الجهة الّتي أمامه، ولو لم يقدّر أنّه مسامتٌ ومقابلٌ لها.
وفسّر الحنفيّة جهة الكعبة بأنّها الجانب الّذي إذا توجّه إليه الإنسان يكون مسامتاً للكعبة، أو هوائها تحقيقاً أو تقريباً.
واستدلّوا بالآية الكريمة: «وحيثما كنتم فولّوا وجوهكم شطره» وقالوا: شطر البيت نحوه وقبله، كما استدلّوا بحديث: « ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ» وهذا كلّه في غير المدينة المنوّرة، وما في حكمها من الأماكن المقطوع بقبلتها، على ما سيأتي في استقبال المحاريب إن شاء اللّه.
والأظهر عند الشّافعيّة، وهو قولٌ لابن القصّار عند المالكيّة، وروايةٌ عن أحمد اختارها أبو الخطّاب من الحنابلة: أنّه تلزم إصابة العين(عين الكعبة).
واستدلّوا بقوله تعالى «وحيثما كنتم فولّوا وجوهكم شطره» أي جهته، والمراد بالجهة هنا العين؛ وكذا المراد بالقبلة هنا العين أيضاً، لحديث الصّحيحين: « أنّه صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين قبل الكعبة، وقال: هذه القبلة، فالحصر هنا يدفع حمل الآية على الجهة، وإطلاق الجهة على العين حقيقةٌ لغويّةٌ وهو المراد هنا، وعليه فلا حرج ولا مشقة في استقبال جهة القبلة، والذي هو مذهب الأكثرين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.