2007-08-08 • فتوى رقم 19506
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدى العزيز: أرجو من الله أن يتسع صدرك لروايتي هذه وإن طالت، وأن يجعلك سببا لراحة قلبي وزوال همي.
أنا رجل أبلغ من العمر 37 عاماً، متزوج منذ حوالي 7 أعوام من امرأة تكبرني بثلاثة أعوام، ولي منها الآن طفلان، بنت في الخامسة والنصف، وولد في الثالثة من العمر.
عندما تقدمت لطلب زوجتي للزواج علمت منها بأنها ثيب، وقد سبق لها الزواج قبلي مرتين انتهت كلا منهما بالطلاق، وقد قبلت أنا هذا ورضيت به، إلا أني طلبت منها إخفاء هذا الأمر (كونها ثيب) على كل الناس، وبالأخص والدي، لكي لا يمانعوا ذلك الزواج، ثم أخبرتني زوجتي بعد ذلك بأن والدها متوفى منذ زمن بعيد، وأن الذي يقوم بدور الولي هو خالها، ولكن توجد العديد من الخلافات والنزاعات بين خالها هذا وبين أمها بسبب ميراث عقارات وصل إلى ساحات المحاكم، لذلك يرفض هذا الخال أي عريس يتقدم إلى ابنة أخته لكي لا يوجد رجل يحمي ويدافع عن حق أخته وابنتها الذي يحاول هو الاستيلاء عليه (جاء هذا على لسان زوجتى وقتها).
ومن هنا بدأت المشكلة بأن طلبت مني زوجتي بأن لا أطلبها منه لكي لا يكون عائقا أمام زواجنا، وبالفعل تم عقد القران بحضور والدتها وأسرتى وبعض الأصدقاء بدون علم خالها أو حضوره، وقام أحد المدعوين -وهو زوج إحدى زميلاتها- بدور الولي، كما رتبت مع المأذون مسبقا بأن لا يذكر بأن العروس ثيب، وبالفعل ذكر لفظة (العروس البكر... إلخ) أمام والدي الذي كان أحد الشهود على العقد، وبعد أيام قليلة تم الزفاف ودخلت بزوجتي، ومرت بنا الأيام والسنين، وقد تحسنت العلاقات بين زوجتي وخالها، بل وأصبحنا نتبادل الزيارات الأسرية، وبالطبع قد علم بأمر زواجنا إلا أنه لم يبدي أي رد فعل نحو تجاهله أثناء عقد القران والزفاف، بل وأحيانا كان يقوم بدور الوسيط للصلح بيننا عند نشوب الخلافات الزوجية.
ثم ألقت زوجتي مؤخرا بخبر في وجهي نزل علي كالصاعقة، وهو أن والدها حي لم يمت، ولكنه قد طلق أمها منذ زمن بعيد كانت زوجتي وقتها طفلة صغيرة، ومنذ ذلك الوقت لم ينفق أو يسأل عليها، لذلك فقد اعتبرته في عداد الأموات، علماً بأن عنوانه معلوم.
وسؤالي الآن هو: هل يعتبر زواجي الحالي بزوجتي نكاحا فاسداً أو باطلاً لكونه قد تم بدون إذن الولي الأصلي (الأب)، أو بسبب الكذب على شاهدي العقد بأن العروس بكر، وليست ثيب؟
وإن كان كذلك، فهل كان جماعي معها طوال السنوات الماضية كحكم الزنا، وبالتالي أبنائى منها أبناء سفاح؟
وما هو السبيل لإصلاح الأمر، علما بأني قد طلقتها طلقتان رجعيتان خلال السبع سنوات الماضية، ثم رددتها، فهل إذا تطلب إصلاح الأمر أن يفرق بيننا لكي يعقد عقد جديد صحيح، فهل يعتبر هذا التفريق بمثابة الطلقة الثالثة، وبالتالي حرمت علي زوجتي إلى أن تنكح زوجاً آخر، ثم تطلق منه؟
وهل إن تطلب الأمر عقداً جديداً يلزم ذلك مهراً وصداقاً جديدين؟
وفي النهاية أعتذر عن الإطالة، شاكراً سيادتكم وأمانتكم في الإجابة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فذهب جمعور الفقهاء إلى أنّ المرأة لا تزوّج نفسها ولا غيرها، أي لا ولاية لها في عقد النّكاح على نفسها ولا على غيرها، وعليه فلا تملك المرأة أن تلي عقد نكاحها بنفسها، فكذلك لا تستطيع أن توكل غيرها، وإنما يزوجها الولي (الأب).
وذهب الحنيفة إلى أنه يجوز للمرأة الحرّة البالغة العاقلة مباشرة عقد نكاحها ونكاح غيرها مطلقا كالرجل البالغ إلا أنّه خلاف المستحبّ، فتملك المرأة أن تلي عقد نكاحها بنفسها، فكذلك تستطيع أن توكل غيرها عندهم.
وعليه فعقد زواجك السابق صحيح عند الحنفية بما أنه استوفى شروطه الشرعية من إيجاب وقبول وشاهدين، ولو بدون وجود ولي زوجتك، ولا داعي للتوهم والتشكك.
لكن على زوجتك الآن الاستغفار والتوبة من الكذب الذي كان منها سابقاً، وما ذكر لا يبرر لها ذلك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.