2007-08-08 • فتوى رقم 19516
السلام عليكم
أودعت مبلغاً في البريد بريع، وسمعت قبلها أنها لا تخالف الدين في شيء.
واكتشفت -والله أعلم- أن هذه الفائدة تعتبر ربا مباشر، ولا يجوز التصرف فيه، مع أن الفائدة زادت، فماذا علي أن أفعله بعد أن أسحبه من البريد؛ هل علي أن أتخلى عن الفائدة لهم، أم آخذ هذه الفائدة وأتصرف فيها بمعرفتي؟
وإذا أخذتها، ماذا علي أن أتصرف فيها، وكيف أنفقها، وفي ماذا، علما بأني ندمت على هذا الفعل؟
علمت أن الربا فيه ضرر كبير على آخذه، لما ذكر في القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فماذا يلحق بالمرأ في هذا الشأن من ضرر، علما أنني عانيت من مشاكل كثيرة، وأتوقع أنه من هذا الفعل، وخصوصاً من بعد ما أودعت هذا المبلغ.
وسؤالي الأخير هو: إنني بلغت وأشتغل حاليا، ولكن لا يكفيني على معيشة الحياة الصعبة، فهل هذا المبلغ يجب دفع له زكاة أم لا؟
وأرجو أن يتسع صدركم لسؤالي.
وجزاك الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فوضع المال في مؤسسة تنموية بقصد الحصول على فائدة من وراء ذلك غير متعلقة بالربح الحقيقي الذي يتحصل من هذا المال هو من الربا المحرم بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]، والربا من أشد المحرمات عند الله تعالى، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة:278].
ثم أخذ هذه الفوائد والتخلص منها بدفعها للفقراء وفي طرق البر العامة أو تركها للمؤسسة الربوية، مما اختلف فيه المعاصرون من الفقهاء، فذهب الأكثرون إلى تفضيل أخذها من المؤسسة الربوية وصرفها للمحتاجين من الفقراء والمساكين دون الاستفادة منها بشيء للنفس مطلقا، لا طمعا في الأجر والمثوبة؛ لأن الله تعالى لا يقبل إلا طيبا، ولكن كفارة عن الخطأ الذي وقع فيه، وتخلصا من المال الحرام، والفقراء يأخذونها حلالاً إن شاء الله تعالى؛ لأن الحرام لا يتعدى الذمتين.
وذهب آخرون إلى عدم جواز أخذها أصلا، لأنها مال حرام فلا يجوز قبضه لأي سبب من الأسباب، وأنا أرجح القول الآخير.
وفي كل الأحوال يجب على من تورط بوضع ماله بالربا أن يسحبه فورا ويتوب إلى الله تعالى، ولا يجوز له الاستمرار بالترابي بنية التصدق بمبلغ الفوائد الربوية باتفاق الفقهاء.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.