2007-08-15 • فتوى رقم 19903
السلام عليكم ورحمة الله
أناشدكم الله أن تقرؤوا كتابي هذا، وأطلب عونكم بعد الله سبحانه وتعالى.
أنا من المغرب, يتيمة الأب، متزوجة ولي ابنتان (٣ سنوات، و٩ آشهر).
شكوتي إليك من زوجي, ونحن نشارف على الطلاق.
زوجي عصبي بعادته دائما، ما كان يضربني ويهينني ويسبني دونما سبب، وقد تحملت هذا مرات ومرات.
آخر مرة ضربني كانت في بيت أبي دونما احترام لحرمته، وذاك لما طلب مني أن أجهض فرفضت وتركت البيت، فجاء بعدها إلى بيت أهلي وضربني، وكانت تلك ثاني مرة يضربني على مرأى إخوتي الصغار، بعدها أخبرني أنه ذاهب إلى الحج وأنه ندم, ففرحت للأمر عسى الله يهديه، فعدت إلى البيت وأقسمت له أني لن أعود إذا تكرر الأمر، لكنه تكرر، ضربني وطردني بإهاناته المعهودة الساعة العاشرة ليلا.
فتركت البيت وقصدت محاميا (ليس عندي عم ولا أحد يمكنه أن يتدخل، وأمي ضعيفة الحيلة لن تستطيع الحديث معه لجبروته وكبره).
٥ أشهر مضت وكل بدوره محاميا، ولا يصرف على بناته، مع العلم أنه ميسور الحال؛ لأنه مدير بشركة كبيرة، ومع ذلك اقتراحه لنفقة بناته قليل، يستطيع الموظف العادي تحملها.
كنت قد كلمت أمه وأخبرتها بكل ما حصل، وأقسمت لها على أن الحقيقة ما أقول، فزجرتني وقالت إني أشتم طريقة تربيتها لولدها، وأن ابنها لن يفعل شيء مماثلاً، فشكرتها.
ننقطة ثانية: بعد أن طردني قررت أن أشتري بيتا، واقترضت من البنك قرضاً ربوياً، واشتريته منذ أسبوع، ومنذ ذاك وأنا نادمة، وقررت بيعه كي لا أغضب الله سبحانه.
قرأت كثيراً وسمعت دروس الدين، وقررت أن أستعيد بالله وأن أسامحه أقله من أجل ابنتي الكبرى التي تعاني كثيرا من فقدانها لوالدها، مع العلم والله ما منعته من دخول بيت والديهما، وقد استطاع رؤيتهما طول الفترة، وتكلمت معه وقبلت رأسه، لكنه قرر أن لا يقبل خطوتي، وقال: إنه لا يريد حتى النظر في وجهي، ثم قال: اخترت طريقا فأكمليه للآخر.
جرحني هذا كثيرا، فندمت على خطوتي، ما حكم الشرع في هذا كله، وماذا في حكم البيت الذي اشتريت، وماذا أستطيع أن أفعل، فأنا والله أعاني كثيراً؟
جازاكم الله خير جزاء عني، والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالأصل أن لا يضرب الرجل أحدا من أفراد أسرته زوجة أو ولداً، ولكن له حق تربيتهم والقوامة عليهم إذا شذوا عن الطريق وارتكبوا المنكرات ولم يجد معهم النصح والبيان، ففي هذه الحال يجوز له الضرب الخفيف غير المؤذي، قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾ [النساء:34]، على أن يكون الضّرب غير مبرّح، ولا مدم، وأن يتوقّى الوجه والأماكن الخطرة، ولا يجوز الضرب تنفيسا عن الكرب والضيق من الغير.
فعلى زوجك أن يلتززم بذلك، وعليك أن تحسني التبعل له، مع الصبر على ما يصدر من زوجك، ولتحاولي نصحه باستمرار وتطييب خلقه وتتحايلين في تغيير طبع الغضب عنده، فكل شيء ممكن أن يكون لكن بالحكمة والموعظة الحسنة، إضافة إلى الصبر على ذلك.
وأسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكما.
أما أخذ قرض ربوي بفائدة من البنك فهو من أشد المحرمات، ولا يحل إلا عند خشية الهلاك، وحالك ليس ذلك.
فعليك الآن التوبة النصوح مما سبق، مع المسارعة قدر استطاتك إلى سداد القرض الربوي، ولو ببيع البيت الذي اشتريته، مع الاستغفار، وعدم العود لمثل ذلك في المستقبل.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.