2007-09-04 • فتوى رقم 21137
عندى مشكله كبيرة وأجو توجيهي لطريق الصواب، إني مقاطع لأهل والدي، أو بمعنى أدق هم من قطعونا أنا وإخوتي، فحاولت مرة تلو المرة ولم آيس أبداً، حتى علمت مدى كرههم لنا، وأنهم لا يريدون رؤيتنا إطلاقاً، وقد علمت هذا من أحد أبناء عمي الذي يودني فقط، وأنهم يتكلمون عنا بالباطل، وأيضاً كانت معاملتهم لنا جافة، ويسودها النفاق فبعد أن حاولت العديد من المرات توقفت، وأيضاً كان سبب توقفي أنهم يفعلون أفعال لا يقبلها الله سبحانه وتعالى، وهذا يشمل أبي أيضاً فهم يؤمنون بالسحر والدجل، وهم موافقون على ذلك، ويفعلون أفعال أخرى لا أستطيع ذكرها، ولكنها شرعاً حرام، فبسبب كل ذلك توقفت عن صلتهم خوفاً علي أنا وإخوتي، وأيضاً أبي معهم في ذلك فقاطعته أيضاً لنفس الأسباب و لأسباب أخرى، منها أنه لم يعلمنا حرفاً من كتاب الله عز وجل، وتركنا ونحن صغار، وكان دائم الكره لي لأني كنت أقف موقف حياد بينه وبين والدتي، وأدافع عنها، بالإضافه إلى أنه كان يضرب والدتي ويسبها، وكان يعتقد أني مثلها، مع أني أثبت له العكس، فكانت والدتي تحثني على فعل أشياء خطأ كالكذب، فأرفض فتتشاجر معي، وأيضاً قاطعته بسبب أنه جائني أكثر من تأكيد أنه يأخد أموال رشوة، وتأكدت لأنه يعمل فى الحكومة، وله راتب لا يتعدى 600 ، فكيف استطاع عمل أكثر من مشروع بمال يتعدى (50000 ) في وقت قصير جداً، وليس لديه أي وظيفة أخرى، وكان وأنا في الصغر يطلب من والدتي أن يعمل في أفعال غير مشروعة، ولكنها رفضت فذلك تأكيد على أنه يأخد مال حرام وسبحان الله في حين أني لم أصدق والدتي، والعديد من الناس، جاءني تأكيد من رجل لا نعرفه ولا يعرفنا، و بينه وبين والدي قضايا، لذلك فأنا لا أريد أن آكل مالاً حراماً، وعندما واجهته وقلت له: من أين لك بالمال، تشاجر معي، فحالولت معه بالرفق، ولكني كنت أتضرر منه نفسياً، فلا أستطيع أن آخد مالاً حراماً، وأنا متأكد من ذلك، فما نبت من حرام فالنار أولى به، وغضب عندما قالت له أختي أني لا آخذ منه شيئاً، وفي ظل كل ذلك أصبحت لا أطيق رؤيته، بل من الممكن أن أفعل ما يغضب الله إن رأيته أو حادثته؛ لأنه دائم الشجار والكلام عن والدتي بالسوء، وحاولت مراراً وتكراراً إلى أن أراد أن يحطمني و يحطم حياتي، فقد أراد أن لا أتعلم بالجامعة، وعند ما دخلت أرداد أن يسحب أوراقي منها، وذلك لينتقم من والدتي، فما دخلي أنا! وعندما قلت له أن المشاكل بينه وبين والدتي ليس لنا دخل بها، ورجوته أن لا يقحمنا بها، قال كيف؟ لقد تعبت نفسياً أنا وإخوتي واجتماعياً بسبب ما يقال عنه فيرد علينا، ولكن منذ أن تركناه والحمد لله، ونحن في تحسن مع الله في الدين والدنيا، وارتاحت نفوسنا، و هدأت، مع العلم أننا حاولنا أن نصله، وأن لا نعقّه، ولكن لا نستطيع لأنه لا يرد علينا إن احتجناه، وإن طلبنه وودناه، ولا يريد ذهابنا إليه ببيت العائلة، مع العلم أنه متزوج من امرأة أخرى، ولا يوجد في أعمامي من يقول له: اتقي الله فينا، فهو تاركا لنا منذ الصغر، ويكرهني كرهاً شديداً، ولكني ادعوا الله له بالهداية، فهل أنا بعد كل ذلك، وبعد أن استنفذت كل الطرق، هل أنا قاطع رحم أو عاق؟
أرجو الرد على بسرعة، فأنا أكاد أجن من أني أشك أني أفعل ذنباً عظيماً قد لا ينظر لي الله يوم القيامة بسببه.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد تمت إجابتك عن هذا السؤال في الفتوى رقم:(20863)، وهذا نصها:
فحق الأبوين على الأولاد كبير جداً، ولا يجوز للأولاد التنكر لهذا الحق مهما قصر الأبوان في حقهم، وعليهم القيام به في حدود الإمكان، وعليهم أيضاً ترك محاسبة الآباء أو الأمهات عن تقصيرهم في حق الأبناء، ولذلك فإنني أنصحك بأن تحسن لأبيك قدر إمكانك وتحاول بره بكل الطرق الممكنة، وبالقدر الذي لا يلحق بك ضرراً، و إلا كنت مسيئاً مثله أو أكثر منه، فإن بر الوالدينً واجب مهما كانت تقصيراتهم، قال تعالى في حق الأبوين:(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).(العنكبوت:8(
أما مشاعرك القلبية فلا تحاسب عليها، إن لم تظهرها، وبقيت حبيسة النفس.
ولا خلاف في أنّ صلة الرّحم واجبة، وقطيعتها معصية كبيرة، لقوله تعالى :«وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ»
) النساء: من الآية1)
وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليصل رحمه» رواه البخاري.
فعليك أن تصلي رحمك ( أهل والدك) ولو كان سبب القطيعة منهم، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) رواه مسلم
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، أخرجه البخاري
وعليك أن تحسن إليهم كلما التقيت بهم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولو بالسلام عليهم، ولكن اجعل صلتك بهم قليلة، في حدودها الدنيا، توقيا لأذاهم، وادعو لهم بالصلاح.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.