2007-12-03 • فتوى رقم 24843
السلام عليكم
أما بعد: فأنا فتاة عمري29 سنة متحجبة وملتزمة وخجولة جداً خاصة خارج المنزل، وأعمل أستاذة أدب عربي في إعدادية بصفة مستخلفة، في شهر فيفري الماضي تقدم إلي أستاذ من هذه الإعدادية، وطلبني للزواج، وهذا الرجل بدا لي إنساناً طيبا وصالحاً بكل المقاييس (من الصعب أن أرفضه)، وقال لي بأنه متزوج وله بنات، ويكبرني ب 12 سنة، في بداية الأمر ترددت كثيراً، وبعدها وبما أنني من عائلة لا تأتيها الخطاب كثيراً وافقت مبدئيا، ولكنني لم أقل لأهلي عنه، وفي يوم كنت واقفة أتحدث معه في قاعة الأساتذة، وبدون أن أنتبه أمسكني من ذقني، فابتعدت وانزعجت كثيراً، وبعدها أخذ يكلمني في الهاتف، ومرات يحدثني عن أمور لا أعرفها، أمور تقال بين الرجل وزوجته، وأنا بدوري أقول له أنه لا يجوز قول هذا؛ لأنه حرام، قال لي هذا الكلام في أربع مكالمات معي، وفي بعض الأحيان يطلب مني الحضور إلى شقة زميل له، فأسأله ماذا نفعل هناك، يقول لي: مايفعله الرجل مع زوجته، فأقول له هذا لا يجوز شرعاً هذا حرام، ولكني لم أذهب معه إلى أي مكان، بل كنت أضحك عليه أستغرب لماذا يقول مثل هذا الكلام، وهو يعرف جيدا أنني مستحيل أن أقبل، ومرة ظننت أنه يقول لي هذا الكلام ليختبرني ويرى ردة فعلي، أو أنه غير رأيه ويريدني أن أكرهه، وأطلب أنا منه الابتعاد عني والله أعلم، ومرة طلب مني أن ألقي معه في موقف الحافلات ومشيت معه رغم أنني ترددت كثيراً في ذلك، ولكنني مشيت معه في طريق عودتي إلى المنزل، حيث إن هذا الطريق في بعض الأحيان أذهب فيه مع أبي وهو طريق عامر بالسكان، فلقد فعلت هذا مرتين من دون أن يقترب مني فقط بل أسير معه ونتحدث فقط لا شيء أخر، ولقد علمت زوجته بالأمر، وأصبحت أنا خائفة لو تحدث لي مشاكل مع عائلتي، وهي بالفعل هددته بذلك، وبأشاء أخرى تفعلها لو يتزوج عليها، وكل يوم عندما تأتي لزيارتنا أي امرأة لا أعرفها أخاف كثيرا، وإن خوفي الأعظم من الله سبحانه وتعالى ومن ثقة والدي وإخوتي بي، وهذه الثقة التي خنتها ولم أحافظ عليها، المهم الآن أنا نادمة جداً جداً على قبولي للزواج من هذا الرجل، فأنا كنت أظن أنه يريد الزواج بي في الوقت الذي طلبني فيه، لم أكن أدري بأنه يريد أن يطيل الحديث معي ثم بعد ذلك يقرر، وكلما أقول له متى تأتي لخطبتي يقول لي أمهليني بعض الوقت لأنظم أموري، فعذري أنني أريد الزواج من أي رجل يكون إنسان صالح ومتدين ولا أريد المشاكل، إن ضميري يأنبني كثيراً على هذه الأخطاء الفادحة التي فعلتها، فعائلتي كانت دائما تنظر إلي على أنني المثال الأعلى للشرف والتقوى، فأنا الآن أحتقر نفسي كثيرا وأريد أن أكفر عن دنبي بأي وسيلة كانت، المهم أن يغفر الله لي في الدنيا والآخرة وأريد أن تعطوني حلاً قاسيا لكي أتعلم من هذه الأخطاء ولا أكررها ثانية، (أريد ردكم وجوابكم في أقرب الآجال) فإن ضميري يأنبني أكثر مما تتصورون ليلاً نهاراً، أصبح أعيش في دوامة وهذا الموضوع أصبح يداومني كثيراً فماذا أفعل أرشدوني؟
جزاكم الله خيراً وشكرا(قبل أن يأتيني هذا الرجل تقدم إلي شاب وطلب خطبتي لكنني رفضت لأنني لم أرتح له، وهذا الشاب يريد أن يفعل أي شيء لإرضائي) فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد أثمت ووقعت في الحرام بما ذكرت من إقامتك العلاقة مع هذا الإنسان، فالحديث بين الجنسين ممنوع لخطورته مهما كانت النيات طيبة، لأن له انعكاسات خطيرة تتسلل للنفس مع نزعات إبليس، فيجب تجنبها، إلا في حدود الضرورة وبكامل الحجاب والأدب وأمام الأهل وعلى مسمع منهم، ولا أرى أن هذا من باب الضرورة، بل هذا من تسويل الشيطان ومكائده.
فعليك الآن التوقف عن لقائه والتحدث معه، وله (إن أراد) أن يتقدم لخطبتك والعقد عليك إن وافقت على الزواج منه، وليس لك متابعة الحديث معه قبل ذلك.
وعليك بالتوبة، ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه.
والآن عليك ستر نفسك، وعدم إخبار أحد بما كان منك، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70].
ويتم تطبيق ذلك عملياً بالبعد عن أسباب المعصية ذاتها، ثم البعد عن رفقة السوء، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت.
وعليك بصلاة الاستخارة ودعائها في كل ما تحتارين فيه من الأمور ليكون الله تعالى في عونك، ويختار لك ما فيه الخير.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.