2008-02-27 • فتوى رقم 27279
السلام عليكم، أما بعد:
يشرفني أن أتصل بكم لطلب المساعدة، وإعطائي النصائح المناسبة لمشكلتي.
عائلتي تتكون من عشرة إخوة، وأمي وأبي، أنا البنت الكبرى في كل إخوتي، وعمري 32 سنة، غير متزوجة، أعمل في منصب مرموق في شركة وطنية معروفة، ولدي ثلاثة أخوات، اثنتين منهما متزوجتان، وستة إخوة ذكور عازبين، والديّ من أطهر الناس، علاقتهم طيبة مع كل الناس، أولادهم وأقرباؤهم وجيرانهم.
مشكلتنا تكمن في واحد من بين إخوتي الذكور، وعمره 19 سنة، حيث تمرد تمردا كليا على والديّ، فهو ولد عاق بكل معنى الكلمة، وأعلمكم بأنه لا يصلي أبدا، لا يأكل مع العائلة، لا يجتمع معنا، لا يعترف بدور الوالدين وكأنهما غير موجودين، وهذا من جراء رفقة السوء.
حاولنا معه بكل الطرق لإفاقته مما هو فيه قبل أن يضيع في وسط هذا المجتمع الذي أصبح يعم فيه الفساد، وكأننا لسنا مجتمعا إسلاميا، لكن دون جدوى.
مع العلم أنني أنا وأمي وأختاي المتزوجتان فقط من بقي يحاول معه، فأبي أصبحنا لا نخبره بكل شيء خوفا وشفقة عليه، إضافة إلى أنه أتعبه كثيرا بوقاحته وتمرده.
المعضلة أنّ أمي اكتشفت بالأمس قارورة كحول في أغراضه، فوقع ذلك في نفسها كالصاعقة، مما أصابها بالإحباط والمرض، ولم نخبر أبي بالموضوع خوفا من أنه قد يقتله الأمر، وإلا فهذه المرة سيطرده من البيت ويتبرأ منه لا محالة، فالموضوع خطير جدا ولا يستهان به.
مع العلم أن كلا من أخواي الأكبر منه 26 سنة و22 سنة وحتى الصغار فهم نعم التربية، وكل أقاربنا بالإجماع ليس لدينا من هو غير صالح، وإلا لكان ذلك شيء عادي.
والله أنا مستعدة لفعل أي شيء لإنقاذه من نفسه، فكل ما يهمني هو أن لا يموت شقيقي وهو عاص لله، فهذا يأرقني، فمنذ أن بدأت مشكلتنا معه حوالي أربعة سنوات تقريبا لم نرتح أبدا، كل يوم مشكلة جديدة، والمصيبة أنني لم أتمكن من مساعدة أمي التي تنهار تدريجيا أمامي، ولا حتى مساعدة أخي، فقد استنفذت كل الطرق، ولم يبق لي سوى الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فثقتي بالله تزداد كلما استعصى علينا الأمر، فأنا أعرف أنّ الله تبارك وتعالى لن يترك عبده الضعيف إذا دعاه.
من فضلكم: أعينوني على إيجاد الحل المناسب الذي يرضي الله، ويخفف المسؤولية عن والديّ؟
شكراً، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا تملكوا بعد كل الذي ذكرت إلا أن تستمروا في نصح أخيكم بحكمة، وتعلموه بحرمة ما يفعل، وأنه يوجب سخط الله تعالى وعقابه في الدنيا والآخرة، وأن الله يمهل ولا يهمل، فقد روى النسائي وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن من الخمر، والمنان بما أعطى).
وتذكروه بأن بره بوالديه واجب، وتذكروه بعظيم فضلهما عليه، وأنه كما يدين سيدان في المستقبل، فأولاده سيعملوه في الغالب مستقبلاً بمثل ما يعامل والديه، مع الصبر عليه قدر الإمكان.
مع دعاء الله تعالى له، خصوصاً في جوف الليل الأخير.
وأسأل الله تعالى أن يهدي أخاكم، ويوفقكم جميعاً لبر والديكم وإلى كل خير.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.