2008-03-21 • فتوى رقم 27962
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد ، فالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخوتي في الله مشائخنا الكرام لي سؤال أقض مضجعي لذلك أردت أن أسأل أهل الذكر عن جوابه كما أوصانا الله على لسان حبيبه!
و سؤالي باختصار شديد عن حكم أخذ قرض جامعي من وزارة التعليم العالي؟
و لتوضيح السؤال و إزالة الإلتباس و الغموض عنه ، فإني سأسرد بضع تفصيلات عسى أن تفيدكم في الجواب :
1 ـ القرض الذي تمنحه الوزارة للطلبة يحتوي على فائدة ثابتة تتراوح بين 3 إلى 5 بالمئة !
2 ـ سداد القرض غير مشروط بمدة معينة ، الشرط الوحيد هو أن يشتغل المنتفع بالقرض بعد تخرجه ، و لذلك فالدفع لا يكون عند التخرج ، بل لا بد من الشغل و هذا مما يتطلب أعواما كثيرة قد تصل إلى عشرة سنوات لدى بعض الطلبة ، و هو ما يعني بصيغة أخرى أن قيمة القرض مع فائدته عند التسديد تكون قطعا أقل من قيمة القرض حال أخذه ، و ذلك لأن قيمة الفائدة ثابتة و رمزية ، و الأسعار و المعيشة تزداد يوما بعد يوم ، لذلك سنجد قيمة القرض أقل من قيمته حال أخذه مهما كانت مدة انتظار الشغل !
3 ـ سداد القرض يكون حال اشتغال المستفيد ، و لا يكون دفعة واحدة ، بل يكون على أقسط!
4 ـ العقد يكون بين مؤسسة حكومية الأصل فيها رعاية شؤون الرعية و بين طلبة منتفعين ، فليست بين أفراد و أفراد ، أو بين مؤسسات خاصة كالبنوك و بين أفراد !
بعد هذه التوضيحات نرجو من الشيوخ الأفاضل تبيين الحكم الشرعي في هكذا قروض خصوصا و أن قيمة القرض حال السداد ستكون أقل من حال الانتفاع ، لما بينته أعلاه من كون الفائدة رمزية و ثابتة ، كمثال توضيحي ، فلو فرضنا أني اشتريت بالقرض حال أخذه دراجة ، فإني بعد سنوات الدراسة و انتظار التشغيل ، لن أستطيع بقيمة القرض مع فائدته اشتراء نفس نوعية الدراجة ، لأن قيمتها ستكون أعلى قطعا!
لذلك أتمنى أن تبينوا لي الحكم ، فهل هو للتحريم مطلقا، و إن لم ينجر عنه منفعة لصاحب المال قطعا ، أعني وزارة التعليم العالي ؟
أم أنه للتحريم مطلقا مع الجواز للضرورة القصوى ، و الضرورة تقدر بالطالب نفسه؟
أم أنه للكراهة ؟
أم أنه للجواز مطلقا لأن علة تحريم الربا لم تتحقق في هذا النوع من القروض و إن كانت هناك فائدة منصوص عليها في العقد ؟
نرجو من حضرتكم الرد السريع ، و جازاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا من الربا المحرم المنهي عنه، ولا يجوز أخذ قرض بفائدة، قليلة أم كثيرة، للنهي عن ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]، والربا من أشد المحرمات عند الله تعالى، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة:278]، ولا يباح الربا إلا عند خشية الهلاك بدونه، وعدم وجود طريق آخر لدفع الهلاك، وما ذكرت ليس منه، فعليك أن تفتش عن حل آخر غير القرض الربوي، وأرجو أن توفق لذلك، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله تعالى خيراً منه، وقال تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق : 3].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.