2008-03-25 • فتوى رقم 28113
السلام وعليكم ورحمة الله وبركته،
1) أنا أنوي مرارا صيام النافلة، لكن عندما يصبح النهار أفطر بدون سبب، ما حكم ذلك؟
2) إنني في الشهور الأخيرة أحس أن درجة إيماني تنقص يوما بعد الآخر، السبب لدي معروف وذلك لذنبين أقترفها: ـ مشاهدة أفلام جنسية والتدخين ـ كلما نويت التوبة عنهما رجعت في اليوم أو الأسبوع التالي لنفس الشيء، قد نويت هذه السنة أداء فريضة الحج إن شاء الله، ولا أريد أن أذهب هناك، وأنا مثقل بالذنوب، كما أنه من يضمن لي العيش حتى ذلك الوقت.
أرجوكم أفدوني وأرشدوني رحمكم الله لترك ذلك الذنين اللذين أرهقانني.
والسلام وعليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
اختلف الفقهاء في حكم قطع التطوع بعد الشروع فيه، فقال الحنفية والمالكية: لا يجوز قطعه بعد الشّروع بلا عذر كالفرض ويجب إتمامه، لأنّه عبادة، ويلزم بالشّروع فيه، ولا يجوز إبطاله، لأنّه عبادة، فإذا أبطله لعذر أو غير عذر وجب عليه قضاؤه.
وقال الشافعية والحنابلة: يجوز قطع التطوّع، عدا الحجّ والعمرة، لحديث «المتنفل بالصوم أمير نفسه» رواه الترمذي وأحمد، ولكن يستحبّ إتمامه، فإذا قطعه لم يلزمه القضاء، أما الحجّ والعمرة فيجب إتمامهما، وإن فسدا إذا شرع فيهما، لأنّ نفلهما كفرضهما.
فالنظر إلى الأفلام الجنسية والصور العارية والنظر إلى عورات الآخرين كله حرام شرعاً، وكل ذلك من خوارم المروءة، ويخالف الأخلاق العالية الرفيعة التي أمر الإسلام بها وامتدح بها نبيه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:4]، ولا يمكن إباحتها، ولو أبيحت له لأبيح صنعها وتصويرها، وهو أغرب الغريب!.
ومشاهدة الأفلام المتهتكة طريق الوصول إلى الفاحشة، ولذلك حرم لما سوف يؤدي إليه غالباً، والأضرار التي هي نتائج هذه المحرمات كثيرة ملموسة، وأغلبها خلقي ونفسي وتربوي واجتماعي؛ لأن الرجل الذي يرى هذه الصور والأفلام الإباحية قد لا تعجبه بعد ذلك زوجته فيكرهها وينبذها ويستغني عنها ويشعر باشمئزاز منها، وكذلك الحال في الزوجة إذا رأت هذه الصور العارية فإنه قد لا يعجبها زوجها بعد ذلك، فتكرهه وتقصر في حقه، فتتفكك الأسر بذلك، وتتخرب الأخلاق ويتفلت المجتمع، والمجتمعات الأجنبية أكبر شاهد على ذلك، وربما نتج عن ذلك أمراض واعتلالات صحية أيضا، لأن الأمر قد لا يقف عند حد المشاهدة، ولكن يتعداها إلى ما وراءها من الاتصالات المشبوهة التي تخفى تحتها الإيدز وأعمامه وأخواله من الأمراض المخيفة.
فعليك بمجاهدة النفس، والتذكر الدائم لله تعالى، وأنه مطلع على جميع حركاتك وسكناته، لا تخفى عليه خافية، وعليك أن تكثر من الالتجاء إلى الله تعالى، وتعلن له عجزك وضعفك، وتطلب العون والثبات منه، فذلك أنفع علاج لما تعاني منه، وعليك بالبعد عن الأسباب المسببة للمعصية ذاتها مع غض البصر عما حرم الله، وترك رفقاء السوء، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، ثم الانشغال بعمل علمي أو مهني يشغل كل الوقت، مع السعي للزواج ما أمكن، والاستعانة بالصوم فإنه وجاء ووقاية كما أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أسأل الله تعالى أن يثبتك على طاعته، ويحفظك من معصيته، إنه سميع مجيب.
وإن وقعت _لا قدر الله_ في المعصية فأتبعها بتوبة صادقة نصوح، بالاستغفار والندم على المعصية والعزم الأكيد على عدم العود إليها، فبذلك يغفر الله لك إن شاء الله تعالى، فإن عدت إلى المعصية فعد إلى التوبة النصوح من جديد، روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)».
وعليك أن تجتهد في ترك التدخين أيضا، وتسأل الله تعالى أن يخلصك منه، أسأل الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.