2008-05-24 • فتوى رقم 30099
السلام عليكم
اختلفت أنا وأخ من الجزائر أثناء الحديث عن النحل في تفسير قوله تعالى، فهو يقول أن النحل ما زال يوحى إليه أو يتنزل الوحي عليه إلى الآن، وأنا أقول أن الوحي انقطع بموت النبي، وأن الوحي للنحل كان مرة واحدة وانتهى.
برجاء الإفادة، مع تعريف كيفية الوحي للنحل، وهل ما زال يوحى إليه؟
والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
قال تعالى في سورة النحل: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النحل:68].
والوحي في القرآن الكريم إما بمعنى وحي كلام الله إلى رسله وأنبيائه كما قال عز وجل في سورة النساء ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ [النساء:163]، وهذا انقطع بوفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أو بمعنى "الإلهام" كما جاء في قوله تعالى من سورة طه ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى﴾ [طه:38]، والوحي في هذه الآية للنحل جاء بمعنى الإلهام، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية "الْمُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل"، وقال الطبري أيضا: "وَأَلْهَمَ رَبّك يَا مُحَمَّد النَّحْل إِيحَاء إِلَيْهَا"، وذهب القرطبي إلى نفس ما ذهب إليه ابن كثبر والطبري، فقال في تفسيره: (قَدْ مَضَى الْقَوْل فِي الْوَحْي وَأَنَّهُ قَدْ يَكُون بِمَعْنَى الْإِلْهَام, وَهُوَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقَلْب اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ظَاهِر".
فالله يخبرنا في كتابه أنّ النحل تدرك أشكال بيوتها من أشجار وجبال وفقاً لإلهام قذفه بحكمته تعالى في قلوبها وليس وفقاً لسلوك تعودي أو عادات مكتسبة، فراحت هذه المخلوقات الصغيرة تصنع العجب العجاب، وراحت تعجز الإنسان وعلومه، وتصنع له أطيب وأنفع وأشفى شراب على وجه الأرض!.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.