2008-10-01 • فتوى رقم 32682
السلام عليكم ورحمة الله
شيخي الكريم: لقد كنت في السابق من أهل المعاصي، وقد أوغلت فيها.
وقد من الله علي وهداني لدينه القويم، وأكرمني بحفظ كتابه الحكيم، وأبدلني ببطانة خير تؤزني إلى الخير أزاً.
ولكن خوفي من الجليل هو ما دفعني للسؤال:
يا شيخ: قد زنيت وشربت الخمر في السابق، وأنا والله لا أجاهر بالمعصية، وقد أعلنت التوبة لله جل وعلى، لكن دائماً أشعر أن توبتي لم تكن صادقة، والوسواس يطاردني،
فهل لي من توبة نصوح أقطع فيها الشك باليقين؟
وقد سمعت أنه من زنا في الدنيا يحرم الحور العين في الآخرة، ومن شرب الخمر يحرم خمر الآخرة، فهل أحرم مع جملة المحرومين؟
بارك الله في حسناتك، وجمعني وإياك في الفردوس.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلقد أخطأت كثيراً فيما سبق، وأول ما أبشرك به هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الجليل عن الله عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي) رواه البخاري، فليكن ظنك بالله عز وجل خيرا فإن الله هو الغفور الرحيم.
وعليك الآن التوبة النصوح مما سبق فعله من الذنوب، فإنها تمحو الذنوب كلها بإن الله تعالى، بل تبدل السيئات حسنات بفضل الله تعالى إن صدق العبد بها، كما قال تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [الفرقان:70].
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن من شروط التوبة النصوح أن تتوقف عن الذنوب السابقة، مع العزم والتصميم على عدم الرجوع إليها في المستقبل, والإكثار من الاستفغار، عسى الله عز وجل أن يغفر لنا ولكم، وإذا كان فيما سبق حق لآدمي فلا بد من طلب السماح منه أو توفيته حقه.
ويتم تطبيق ذلك عملياً بالبعد عن أسباب المعاصي، ومجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، ثم البعد عن رفقة السوء، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت.
وعليك قضاء ما فاتك من صلوات أو صوم منذ البلوغ؛ لأنها تبقى في ذمة الإنسان، فتقدر عددها ثم تقضيها بحسب قدرتك وإمكانك على مهلك، وأسأل الله تعالى لك القبول.
ثم إذا كنت راضيا عن توبتك فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى.
ولا تلتفت بعد ذلك إلى الخواطر الشيطانية التي تأتيك لتصرفك عما أنت عليه من الخير بعد التوبة، لتعيدك إلى ما كنت عليه سابقاً.
وأتمنى لك التوفيق، والثبات على التوبة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.