2008-10-15 • فتوى رقم 32919
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا امرأة متزوجة حديثا، وزوجي رجل صالح لكنه يعاني من مشاكل مع والدته؛ فهي هداها الله امرأة متجبرة ومتسلطة وتختلق المشاكل، وكل أبناءها عانوا من مشاكل معها، خاصمت زوجي بعد زواجنا مباشرة، وتبحث دائما عن سبب لتنكد عليه؛ مما جعل زوجي يقرر أنه لن يتركني معها عندما يسافر إلى أن يجهز لي أوراقي للالتحاق به في المهجر، فقرر أن يتركني في منزل أبي علما أن والدة زوجي تقطن مع والده لوحدهما، لكن المسكين يعاني الأمرين من تسلطها، وهذا الأمر هو النقطة التي أفاضت الكأس فبدأت بشتمه بأسوأ الألفاظ، فحاول الخروج لكنها اعترضت سبيله وأمسكته من ملابسه محاولة ضربه، فأمسك يدها مانعا إياها وخرج فبدأت تدعو عليه بأسوأ الدعاوي، وسخطت عليه.
أرجوكم يا أهل الفتوى أجيبوني جزاكم الله خيرا، هل دعاءها عليه مستجاب عند الله أنا خائفة على زوجي من أن يصيبه مكروه؟
أقسم بالله العظيم أن زوجي رجل صالح.
ساعدوني رزقكم الله الجنة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فحق الأبوين على الأولاد كبير جداً، ولا يجوز للأولاد التنكر لهذا الحق مهما قصر الأبوان في حقهم، وعليهم القيام به في حدود الإمكان، وعليهم أيضاً ترك محاسبة الآباء أو الأمهات عن تقصيرهم في حق الأبناء، فبرُّ الوالدين باب عظيم من أبواب الخير والقرب من الله تعالى لا ينبغي للولد أن يحرم نفسه من ولوج هذا الباب.
فالواجب على الأولاد بر والدتهم والإحسان إليها وطاعتها، وعدم عقوقها أو معاملتها بالغلظة والشدة، قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ [الإسراء:23].
وقد حذر الشارع من عقوق الوالدين، وبين أن دعوتهم على أولادهم مستجابة، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الوالدان على ولدهما إلا بخير، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم) أخرجه مسلم.
لكن دعاء الوالدين على أولادهم أو غضبهم عليهم بغير حق لا يجوز، والدعاء بغير حق لا يستجيب الله له إن شاء الله تعالى كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) أخرجه مسلم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.