2008-10-25 • فتوى رقم 33169
جاءت لنا في المستشفى مندوبة دعاية للأدوية، وهم من المعروف أنهم من وقت للآخر يعملوا لنا مثل حفل للحلوى، فقالت زميلة لزميلتها بعدما جاءت مندوبة الدعاية ورحلت: كنت أريد أن أقول لها تعمل لنا حفلة، فقلت أنا: وأنا كنت سأقول مثلك لولا خوفي من أن يقول الناس علي أنني بيئة (وهي كلمة عندنا ترمز للفقر)، ولكنني لم أقصد إهانتها، فهل علي ذنب؟
والسؤال بمعنى آخر: هل عندما يقول الإنسان كلمة وهو لا يقصد مضايقة زميله بها، ولكن المعنى يفهم بأنه مخطئ، هل عليه ذنب؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فعلى المرء قبل أن يتحدث بأي حديث أن يتفكر ملياً قبل التحدث به، فلا يؤذي به أحداً، ويستشعر مراقبة الله تعالى للعبد، وأن كل ما يلفظه الإنسان مسجل ومحاسب عليه، قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:18].
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: (لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه؛ تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) ثم قال: (ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل) قال: ثم تلا: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ حتى بلغ ﴿يعملون﴾، ثم قال: (ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروته، وسنامه؟) قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: (كف عليك هذا)، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟! فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ؛ وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وإن أخطأ وأساء يوماً ما لأحد فعليه أن يتعذر منه بلطف وأدب، ويتنبه لعدم حدوث ذلك في المستقبل.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.