2008-11-02 • فتوى رقم 33399
السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته
أنا شاب عربي مسلم، أدرس حاليا في بلاد أجنبية, أرغب في الاستعلام حول موضوع بات يؤرقني، وأرجو من سيادتكم توضيح الأمر لي، ومد يد العون والنصيحة إن أمكن، ويمكن أن أطرح تساؤلي على النحو التالي:
قبل ثمانية أعوام قدمت للدراسة في هذا البلد الأجنبي، وخلال تلك المدة التي أمضيتها فيه عانيت كثيراً من الاختلاط وغيره مما تشهده مثيلات هذه الدول، فما كان أمامي سوى تحبيذ العزلة والانفراد في غرفتي بعيداً عن تلك الأجواء، فلا أخرج منها إلا للضرورة، وكذلك أمضيت كل سنوات الدراسة هناك.
وفي الحقيقة أن هذا الأمر كان له بالغ التأثير السلبي على نفسيتي، وعلى نظرتي للحياة، وحتى على نظرتي للطرف الآخر، فما عدت أرغب في الزواج، وأصبح أكبر همي في الحياة هو الدراسة فقط وتحقيق الذات، مع معاناة شديدة من الوحدة وخلو الدرب من الصاحب والرفيق.
وبعد التخرج عدت إلى بلدي، ومع تغير الظروف وإصرار الأهل فكرت في الارتباط، ولكن للأسف لم يحدث نصيب، فلم أجد رغم كل ما بذل من جهد البنت التي أرغب في الارتباط بها، والتي تكون معينة لي على الحياة متقبلة لتوجهاتي المستقبلية.
ومنذ شهرين شاءت الأقدار أن أعود إلى نفس البلد السابق لأكمل الدراسات العليا بسبب أن تخصصي غير موجود في بلدي، أضف إلى أني نويت عند السفر الاستقرار حتى الزواج من بنت من ذلك البلد، بغض النظر عن ظروفه، وذلك بسبب ما عانيته في بلدي من عدم تقدير لإمكانياتي وكبح رغباتي في التغيير، وكذا الفساد الذي شاع فيه.
ولكن والحمد لله وقبل الوصول إلى المدينة التي سأدرس فيها، وعلى متن القطار التقيت بفتاة عربية مسلمة، فيها كل آثار التقوى والصلاح، كلامها لا يخلو من ذكر الله, شدتني كثيراً وبعثت في الأمل بوجود أشخاص صالحين في هذا العالم، وأن التغيير لا يكون إلا بإيمان صاحبه به وسعيه إليه, فلم أعد أجد نفسي مضطراً إلى الإقدام على ما نويت عليه, ووجدت فيها بصريح القول كل ما أبحث عنه في شريكة الحياة: التقوى والطموح من أول ما لمحتها ولمحت تصرفاتها، فلم أعد أفكر في شيء سوى في كيفية الارتباط بها في الحلال، فبادرت لخطبتها من أهلها في بلدها في سابع يوم، ولكن الموضوع كان بمثابة الصدمة على أهلها، فلم يمض سوى أسبوع على سفرها حتى جاء من يطلبها للزواج، وهذا ما لم يكن في الحسبان, ولم يردوا لي أي خبر.
وهى اقترحت بأن ننتظر حتى الصيف القادم لأتقدم لخطبتها, على أن تساعدني في إيصال الموضوع إلى أهلها، وأنا مقتنع بهذا, ولكن المشكلة الآن: كيف تكون علاقتنا خلال هذه المدة, هي غريبة عن هذا المكان، وأنا في أمس الحاجة لمن أذكر الله معه، والله أعلم بنيتي, هي ترفض تماماً أن أزورها أو أخرج معها، مع العلم أنها تدرس مع أناس من مختلف الأجناس, وأنا لا أستطيع أن أعيش وحيداً، وأخشى على نفسي الفتنة.
فأفتونا، جزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه الفتاة الآن أجنبية عنك من كل الوجوه، والحديث بين الجنسين ممنوع لخطورته مهما كانت النيات طيبة؛ لأن له انعكاسات خطيرة تتسلل للنفس مع نزعات إبليس، فيجب تجنبها، إلا في حدود الضرورة وبكامل الحجاب والأدب وأمام الأهل وعلى مسمع منهم.
والبديل عن ذلك أن تنتظر إلى أن تخطبها وتعقد عليها بشروط العقد الشرعية، فعند ذلك يحل لك منها ما يحل للزوجين من بعضهما، مع مراعاة العرف قبل الزفاف، ولا يحل لك أن تتصل بها قبل ذلك.
وأرجو لك التوفيق والسعادة في الدارين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.