2008-11-29 • فتوى رقم 34215
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين وبعد فسؤالي إليكم عن مدى جواز البقاء في مزدلفة عند النزول من عرفات إلى ما بعد الساعة الثانية عشرة ليلا ثم الذهاب إلى منى أي بمعنى عدم المبيت في مزدلفة بسبب الإجراءات التي تلزمنا بها سلطات التفويج وفقا للترتيبات المتفق عليها مع مشرفي الحجيج؟
وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَاجِبٌ ولَيْسَ بِرُكْنٍ . ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ وَوَقْتِهِ .
فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ إِلَى أَنَّ زَمَنَ الْوُقُوفِ الْوَاجِبِ هُوَ الْمُكْثُ بِالْمُزْدَلِفَةِ مِنَ اللَّيْل، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ .
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ النُّزُول بِالْمُزْدَلِفَةِ قَدْرَ حَطِّ الرِّحَال فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَاجِبٌ، وَالْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْوُجُودُ بِمُزْدَلِفَةَ إلى ما بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْل، وَلَوْ سَاعَةً لَطِيفَةً: أَيْ فَتْرَةً مَا مِنَ الزَّمَنِ وَلَوْ قَصِيرَةً .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الوقوف الواجب هو مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَمَنْ حَصَّل بِمُزْدَلِفَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَتْرَةً مِنَ الزَّمَنِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ ، سَوَاءٌ بَاتَ بِهَا أَوْ لاَ ، وَمَنْ لَمْ يُحَصِّل بِهَا فِيهِ فَقَدْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ الْوَاجِبُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ إِلاَّ إِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
ولا مانع من الأخذ بأي من المذاهب السابقة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.