2008-12-17 • فتوى رقم 34809
ما حكم أخت تستعمل بيتها للفساد، وتجلب لأخيها فتاة ليزني بها؟ وما حكم الأخ الذي يقبل على أخته ذلك، وهذا بعلم كل الأسرة ولا أحد يتكلم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الزنا من كبائر الذنوب، فالله تعالى نهانا عنه فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنا منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فهؤلاء الإخوة مسؤولون عن أخواتهم، وهم مؤاخذون إن تركوا نصحهم وزجرهم عن المعاصي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
وروى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، قال فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
ثم إن الرجل الذي لا يغار على أهله ومحارمه إذا ارتكبن المحرمات هو الديوث الذي قال فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: (لايدخل الجنة ديوث، ولا مدمن خمر، ولا رجلة نساء) رواه الطيالسي، وهو يعني شدة حرمة ذلك، فعلى كل فرد في العائلة (وغير العائلة ممن يعلم أمرهم) أن يسارع في زجرهم عن المعاصي باللين واللطف والتذكير بالله تعالى والتخويف من عقابه أولا، فإن لم يفد ذلك فبالقوة والمَنَعَة، كل ذلك بحكمة، مع الإكثار من الدعاء لهم بالهداية، وأسأل الله لهم التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.