2008-12-31 • فتوى رقم 35042
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه, وبعد أعتذر لكم سيدي على هذه الجرأة التي تصدم كل مسلم يخاف عقاب الله عز وجل وهذا هو الشيء الذي دفعني بأن أصارحكم بالحقيقة المرة، أنا شاب تونسي سويسري الجنسية أبلغ من العمر 28، متزوج من أجنبية منذ أكثر من خمس سنوات، ولدي ولدان الأول سنتان والثاني ستة شهور، ولدي الإمكانيات الكافية لأتزوج عربية مسلمة وزوجتي موافقة لكن قانون تونس يمنعني فألتجأ بعض الأحيان للحرام لأشبع رغباتي لأن زوجتي لا تكفيني!! بسبب هذا القانون العلماني أخون زوجتي وأجني الحرام فأحس بأني أتفه إنسان على وجه الأرض!! لا أعرف سيدي كيف أتخلص من هذا الداء؟!
جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله.
وبركاته[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الزنا من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنا منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
فما فعلته من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فعليك البعد عن أسباب المعصية، وملئ وقتك بأعمال مفيدة ونافعة تملئ الوقت، مع مراقبة الله عز وجل، والانشغال بطاعته ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، وعليك مجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، وعليك بكثرة الصوم لقوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ولك أن تهاجر إلى بلد يبيح لك التعدد إن خشيت على نفسك الزنا، فماذا لو علمت أن بالبلد الذي أنت فيه وباء قاتل مهلك يصيب السكان ألا تفرّ منه خشيت على نفسك ودنياك؟! ففرَّ لتحافظ على دينك وأخراك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.