2009-01-13 • فتوى رقم 35427
السلام عليكم
سألني شخص كيف أثبت له أن القرآن الكريم ليس محرفا كباقي الكتب السماوية، أستغفر الله من دون أن أعطيه آية من القران فصمت كي لا أغلط ساعدني كيف أقنعه؟
وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالقرآن الكريم حفظه الله تعالى بنص قوله سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ونقل إلينا كل حرف من حروفه بالتواتر، والتواتر هو أن جمعا كبيرا وغفيرا من المسلمين (لا يمكن تواطؤهم واتفاقهم على الكذب لكثرتهم) رووه في كل طبقة(وكل جيل) عمن قبلهم، هكذا في كل الطبقات...، فإن مثل هذا النقل يحيل إمكان الكذب والتحريف، ولو وجد الكذب والتحريف لشاع الاختلاف بين المسلمين وعم في كتاب الله تعالى، والواقع أن المسلمين لا يختلفون في حرم من كتاب الله تعالى زيادة ولا نقصا.
وقد ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ كِتَابَهُ مِنَ التَّبْدِيل وَالتَّحْرِيفِ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَبَانِيهِ حَتَّى يَبْقَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا أُنْزِل، قَال تَعَالَى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } فَعَزَل الشَّيَاطِينَ عَنِ اسْتِمَاعِهِ ، وَرَجَمَهُمْ عِنْدَ الْبَعْثَةِ بِالشُّهُبِ ، وَجَعَل الْقُرْآنَ { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} وَلَمْ يَجْعَل اللَّهُ تَعَالَى لأَِحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ أَنْ يُبَدِّل كَلاَمَهُ أَوْ يُغَيِّرَ فِيهِ ، قَال اللَّهُ تَعَالَى : {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَال الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُل مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} وَدَعَتِ الشَّرِيعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ وَتِلاَوَتِهِ وَضَبْطِهِ ، فَقَامَتِ الأُْمَّةُ الإِْسْلاَمِيَّةُ بِذَلِكَ خَيْرَ قِيَامٍ ، بِحَيْثُ أُمِنَ أَنْ يَتَبَدَّل مِنْهُ شَيْءٌ ، وَلَوْ بَدَّل أَحَدٌ حَرْفًا وَاحِدًا مِنْهُ لَوَجَدَ الْعَشَرَاتِ بَل الْمِئَاتِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كِبَارًا وَصِغَارًا مِمَّنْ يُبَيِّنُونَ ذَلِكَ التَّحْرِيفَ ، وَيَنْفُونَ ذَلِكَ التَّبْدِيل .
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.