2009-01-21 • فتوى رقم 35646
السلام عليكم
يعمل أهل الميت في الأيام الثلاثة الأولى على صنع الطعام وإحضار قراء القرآن فيأكلون ويأكل المعزون وجميع العائلة، أخيرا يتصدق على القارئين بجزء من المال، هذه عادة في مجتمعنا فيعتبرون ذلك صدقة ينوون أجرها للميت، فهل هذا جائز؟ وهل يصل الميت أجر المأكول من الطعام مع العلم أن الذين يأكلون لا يكونون غالبا من الفقراء؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيكره أن يصنع أهل الميّت طعاما للنّاس؛ لأنّ فيه زيادة على مصيبتهم، وشغلاً على شغلهم، وتشبّها بأهل الجاهليّة، لخبر جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي الله عنه قال: كنّا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميّت، وصنيعة الطّعام بعد دفنه من النّياحة. أخرجه أحمد.
أما أن يكون ذلك من مال الميت فلا يجوز، إلا إن يتبرع جميع الورثة راضين بذلك، وكانوا بالغين عاقلين، أو أن يوصي به قبل موته.
لكن السنة أن يصنع أقارب الميت أو جيرانه الطعام لأهل الميت، لا أن يقدموه هم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لأهل جعفر طعاما، فإنّه قد جاءهم ما يشغلهم» أخرجه الترمذي.
_فقد اختلف الفقهاء في جواز الاستئجار لقراءة القرآن وأخذ الأجرة عليها، فذهب المالكية والشافعية إلى جواز الاستئجار على قراءة القرآن، وقال الشافعية: وإذا قرأ جنباً ولو ناسياً لا يستحقّ أجرةً.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا يصحّ الاستئجار على القراءة.
قال ابن عابدين من الحنفية : والاستئجار على التّلاوة وإن صار متعارفاً، فالعرف لا يجيزه؛ لأنه مخالف للنصّ، وهو ما استدل به أئمتنا من قوله عليه الصلاة والسلام: « اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه ، ولا تأكلوا به ، ولا تستكبروا به »، والعرف إذا خالف النص يردّ بالاتّفاق، والذي أفتى به المتأخّرون من الحنفية جواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على تلاوته خلافاً لمن وهم.
_ وتوزيع الطعام وإطعامه للفقراء والأغنياء وهبة ثواب ذلك للميت لا مانع منه عموما، والنوافل كلها دون تحديد شيء منها على وجه الخصوص لا بأس بإهداء ثوابها للأحياء أو الأموات، ويجوز لدى جماهير الفقهاء للإنسان أن يتصدق على الفقراء والمساكين ويهدي ثوابها إلى من شاء من الأموات أو الأحياء من أقاربه وغيرهم على سواء، ولا ينقص ذلك من أجره هو شيء إن شاء الله تعالى، سواء في ذلك الصدقة العادية أو الصدقة الجارية، ومثل ذلك قراءة القرآن الكريم على روحه وكل الطاعات النافلة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.