2009-03-02 • فتوى رقم 36663
هل إذا عاهدت الله أن أغض بصري عن الحرام بعد ارتكابه ثم ارتكبته بحجة طلب المعرفة ناسيا العهد, ثم تبت، هل يغفر الله لي أو أعاقب؟ وهل أحرم الزوجة الصالحة؟
وكيف أقوي قلبي وذاكرتي كي لا أفعل ما حرم الله؟ وكيف أنال النصر من عند الله علما أنني تبت؟
سامحوني على طول سؤالي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فعليك بمجاهدة النفس، والتذكر الدائم لله تعالى، وأنه مطلع على جميع حركاتك وسكناتك، لا تخفى عليه خافية، وأن تذكر الموت والحساب والنار، وعليك أن تكثر من الالتجاء إلى الله تعالى، وتعلن له عجزك وضعفك، وتطلب العون والثبات منه، فذلك أنفع علاج لما تعاني منه، مع التخلص من الجهاز الذي تنظر من خلاله إلى هذه المحرمات، وعليك بالبعد عن الأسباب المسببة للمعصية ذاتها مع غض البصر عما حرم الله، وترك رفقاء السوء، ومرافقة الصالحين وملازمتهم، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، ثم الانشغال بعمل علمي أو مهني يشغل كل الوقت، مع السعي للزواج ما أمكن، والاستعانة بالصوم فإنه وجاء ووقاية كما أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على طاعته، ويحفظك من معصيته، إنه سميع مجيب.
وباب التوبة النصوح مفتوح لكل عاص، وشرطها الندم والتصميم على عدم العود لمثلها، وإن كان فيها حق لأحد فلا بدّ من توفيته حقه، ثم الإكثار من الاستغفار والعمل الصالح، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70]. ، ثم إذا كان العبد راضياً عن توبته فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى.
وإن وقعت _لا قدر الله_ في المعصية فأتبعها بتوبة صادقة نصوح، بالاستغفار والندم على المعصية والعزم الأكيد على عدم العود إليها، فبذلك يغفر الله لك إن شاء الله تعالى، فإن عدت إلى المعصية فعد إلى التوبة النصوح من جديد، روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)».، فلا بد من التيقن بعد التوبة النصح بأن الله تعالى غفر ومحى الذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.