2009-03-09 • فتوى رقم 36689
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، فضيلة الشيخ أود أن أطرح على حضرتكم سؤالا وللحقيقة أنا تائهة ومحتارة: في البداية أنا فتاة أحببت شابا كان يعمل معي في نفس مكان عملي وتعلقنا ببعضنا كثيرا لدرجة أننا وقعنا في الحرام، أي أننا وقعنا في مقدمات الزنا، والآن نحن نادمون جدا، ونرجوا التوبة والمغفرة من الله تعالى، المشكلة هي أننا قررنا الزواج لنصلح خطأنا ونتوب توبة نصوح إلى الله تعالى، لكننا فوجئنا بمعارضة أهلي الشديدة لزواجي منه نظراً لموجود فوارق اجتماعية، والمشكلة أنه الآن متقدم لي شاب آخر للزواج، وبرأي أهلي هو مناسب أكثر بكثير من الشاب الذي أحب ويريدونني أن أرتبط به، فما حكمكم بهذا الأمر، ألا يجب أن أرتبط بنفس الشاب الذي أحببت كي نتوب سويا إلى الله ويغفر لنا؟
أو أقبل بالثاني؟
أرجوكم أفيدوني و أثابكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
لقد أخطأتما كثيراً في ارتكابكما المحرم الذي نهى الله عنه.
وعليكما الآن بعد التوبة النصوح الندم مع الإكثار من الاستغفار، وعدم العود لمثل ذلك في المستقبل.
وباب التوبة النصوح مفتوح لكل عاص، وشرطها الندم والتصميم على عدم العود لمثلها، ثم الإكثار من الاستغفار والعمل الصالح، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70].
ثم إن تيقنت من صدق توبته فلا بأس بالزواج منه ولا يجب عليك ذلك على أن تكون علاقتكما مبنية على الطاعة والامتثال لله تبارك وتعالى بعد ذلك، وأسأل الله تعالى العليم الخبير أن ييسر لكما الخير في الدنيا والآخرة.
ولك أن تتزوجي من الشاب الآخر إن كان صاحب خلق ودين، وأوصيك بصلاة الاستخارة (ليوجهك الله إلى اختيار الخير) فبها يوجهك الله تعالى إلى ما فيه الخير إن شاء الله تعالى، فهو وحده علام الغيوب، وصلاة الاستخارة تكون بصلاة ركعتين لله تعالى نفلاً في وقت تكون فيه نفس المصلي مطمئنة ومرتاحة، ويحسن أن تكون بعد صلاة العشاء، وفي غرفة هادئة، فيصلي المستخير لله تعالى في أمر مباح ركعتين، ثم يجلس بعدهما متجها للقبلة ويدعو الله تعالى بدعاء الاستخارة المأثور، (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به)، ثم يسمي حاجته، ثم يغمض عينيه ويتفكر في قضيته التي يريد الاستخارة فيها، فإن انشرح قلبه لها مضى فيها، وإلا أعرض عنها، فإذا لم يحس بشيء يصلي لله تعالى ركعتين مرة ثانية، ثم يدعو الله تعالى مثل الأولى، ويتفكر أيضا ، فإذا لم يتضح له شيء يعيد الصلاة والدعاء والتفكر إلى سبع مرات، ثم ينام ويترك أمره لله تعالى، وهو سوف يوفقه إلى ما فيه الخير من حيث لا يدري إن شاء الله تعالى. وليس هنالك سور محددة لصلاة الاستخارة، وإذا قرأ المستخير في الركعة الأولى (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية (قل هو الله أحد)، كان حسناً.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.