2009-03-16 • فتوى رقم 36764
السلام عليكم ورحمة الله, أنا أعذب كثيرا في هذه الأيام، فأنا أحب فتاة كانت معي في نفس مكان عملي، وأهلها أناس ماديون ومستكبرون إلى أعلى الحدود، يريدون فقط أن يخطب ابنتهم من لديه المال, كان لهم علم بحبي لابنتهم طوال فترة تعرفنا على بعض وهي سنة وشهران، وأبوا مرات عديدة أن يستقبلوني لخطبتها لأنه ليس لدي الإمكانيات المادية التي يريدونها، وقد انتقلت من عملي إلى عمل آخر، وكله لكي يقبلوا بي، وتضاعف راتبي أكثر من الضعفين، وأصبح لدي القدرة أن أشتري بيتا بالتقسيط، وأن أفرشه في فترة معقولة، ولكن ظلوا يرفضون فكرة خطبة ابنتهم لي، مع العلم بأنهم يعرفون أننا نتقابل وذهبوا مع ابنتهم أكثر من مرة لرؤية بيوت لكي أشتري واحد منها، وكان قد حصل بيننا الحرام أنا وهي في عملي القديم من مقدمات زنا، وأصبحنا مدمنين على بعض، ونريد الزواج لكي نكون في الحلال، ولكن تعنت أهلها أجبرنا أن نكون بالحرام؛ لأننا انفتنا ببعض، والآن يريدون تزويجها من شخص آخر، فقط لأنه معه المال ورفضوني, ونحن ما زلنا نريد بعض كثيرا، ولا يحتمل الواحد منا الفراق عن الثاني لما بيننا، ففكرت أن أخبر أمها بما حصل علها تفهم ما حصل بيننا، وتفهم أن ابنتها لو تزوجت غيري ستظل تفكر بي، وبما كنا فيه؛ لأنها تحبني كثيرا؟
فما رأيك أرجوا الإفادة والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فما فعلتماه هو من المعاصي الشنيعة، وعليكما التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32. وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، وأن تبتعد عن هذه الفتاة نهائيا، مع التصميم على عدم العود والندم والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح، والتوبة النصوح شرطها التوقف عن فعل الذنب، ثم الندم عليه، ثم التصميم على عدم العود إليه، ويتم تطبيق ذلك عملياً بالبعد عن أسباب المعاصي، ومجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]،
وعليها أن تقنع والدها بالزواج منك (إن كنت على خلق ودين) وتوسط كبار العائلة (إن استدعى الأمر ذلك)، فإن وافقوا على ذلك فبها ونعمت، وإلا فعليها انتظار خاطب غيرك توافق عليه مع أهلها، وأسأل الله أن يوفقكما لما فيه الخير في الدنيا والآخرة، إلا إن أنها إذا وجدت تعنتا من والدها في المنع من غير مبرر فلها رفع الأمر للقاضي للبت في الموضوع، ولا أنصحكما بالزواج بدون ذلك، لما قد يترتب على ذلك من الضرر.
ولو تزوجت منك بدون موافقة الولي ولا القاضي فالزواج محل اختلاف الفقهاء، فمنهم من أجازه ومنهم من أفسده.
ولكنني لا أرجح زواجكما دون موافقة الولي حتى عند من أجازه، لما قد يترتب عليه من آثار اجتماعية غير مستحسنة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.