2009-07-27 • فتوى رقم 38582
فضيلة الشيخ: أمي حفظهاالله انظلمت من أمها رحمهاالله، وذلك بحرمانها من جزء من ميراثها عن أبيها رحمه الله.
رفعت أمي دعوى على جدتي تطالب بحقها من الميراث، فأنكرت جدتي حصة أمي من الميراث الباقي لها، ولم يصل الأمر إلى هذا الحد، بل زرعت العداوة لأمي بين أخوالي، لدرجة أن أمي لا تتواصل مع بعض أخوالي، والسبب هذه العداوة التي زرعتها جدتي.
وعندما أحتضرت جدتي للموت أخذت تطلب من أخوالي أن يحضروا أمي لتتحللها وتعفو عنها، ولكن أمي لم تذهب، وتوفيت جدتي.
وفي بعض الأحيان يحلم بعض أخوالي أن جدتي تتعذب من جراء ما فعلته في أمي، وتطلب منهم في الحلم أن يذهبوا لأمي كي يتحللوا لها منها.
وسؤالي هنا: هل يعاقب الله الأم بظلمها لأحد أولادها، وهل أمي على ذنب لأنها لم تذهب وتحللها؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالظّلم محرّم بجميع انواعه، وتجاه جميع الناس، قريبهم وبعيدهم، مسلمهم وكافرهم، وسيأخذ الله تعالى الحق من الظالم للمظلوم يوم القيامة، إن لم يسامح المظلوم الظالم.
بل إن الله سبحانه وتعالى يستجيب دعوة المظلوم على من ظلمه أياً كان حال المظلوم، مسلماً أم فاجراً أم كافراً، كما ورد في الأحاديث، ومنها: (يقول الرب عز وجل: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين") أخرجه الترمذي وابن ماجه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) أخرجه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه) أخرجه أحمد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا، فإنه ليس دونها حجاب) أخرجه أحمد.
لكن مع هذا لو صبر المظلوم، واحتسب أجره عند الله، فإن الله لا يضيع أجره، بل الأفضل له أن يدعو لمن ظلمه لا أن يدعو عليه، ليكسب أجر العافين عن الناس وأجر المتصدقين، وهذه أجور عظيمة تدخل المرء أعلى فرادس الجنان إن شاء الله تعالى، فيجدر بالمؤمن أن يحرص عليها ولا يضيعها، فقد قال الله تعالى في وصف عباده الذين أعد لهم في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران:133-136].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.