2009-08-08 • فتوى رقم 38941
السلام عليكم ورحمة الله
ما الحكم في أن شاباً كان يفعل كل شيء لطاعة والده، ولكن مرض الأب بشيء من النسيان نتيجة جلطة مؤثرة علي الذاكرة، وأخذ يلقي التهم علي هذا الشاب بأنه يأخذ من ماله، مع أنه هو الذي أعطاه من ماله، وسدد عنه دينه من ماله الخاص!
وبعد ذلك لم يذهب هذا الشاب إلي والده مرة أخرى، لأنه كلما ذهب أخذ يوبخه ويلقي عليه التهم.
فهل يعتبر هذا عقوقاً، علي الرغم من أنه يدعو له بالشفاء؟
وما الحكم في أنه حينما ألقي عليه بالتهمة هذه انفعل جداً وثار، وأخطأ في حق والده، فما كفارة ذلك، مع العلم من أنه في هذه الأثناء كان منفعل جداً نتيجة أنه استدان حتي يسدد عن والده الدين؟
ولكم جزيل الشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلقد أخطأ هذ الابن بحق والده حينما رد عليه، مع أنه يعلم حال مرض والده، وأنه في حالة يجب أن لا يلام فيها، خصوصاً وأن مرضه أثر على ذاكرته كما ذكر في السؤال.
فعلى الابن الآن أن يستلطف والده، ويعتذر إليه، ويخفض له جناح الذل من الرحمة، كما قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾[الإسراء:23-24].
وللابن في ذلك عظيم الأجر عند الله تعالى، ولا يضيع الله تعالى أجر ما فعله من سداد الدين عن والده، وليعلم أنه ببره لوالده يفعل شيئاً هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ففي صحيح البخاريّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: «سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم:أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ؟ قال: الصّلاةُ على وَقْتها، قال: ثمّ أيّ؟ قال: بِرُّ الوالدين، قال: ثمّ أيّ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللّه».
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.