2006-03-14 • فتوى رقم 3912
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الدكتور..
أما بعد: فلقد وقعت في خلاف شرعي مع زملائي في العمل، ملخصه: أنه من لم يحج حجة الإسلام، وتوافرت معه شروط الحج، من القدرة البدنية والمالية للحج، لكنه لا يحج لوجود بنت بالغة عنده، يريد أن يستكمل مؤنة زواجها، ورغم إصراري على إخبار القوم أن حجة الإسلام فريضة، مثل الصلاة والصوم، مؤنة البنت البالغة وإن كانت في مصر عرفاً، شراكة بين أب العروس والعريس، إلا أن ذلك لا يسقط عن الأب فريضة حجة الإسلام دون جدوى، إذ إنه يوجد مفهوم أو مثل عامي: //أنه من ستر بنتاً فكأنما حج//، فما هو رأي فضيلتكم في هذا المعضل؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وائل - مصر في (11) صفر (1427)هجرية.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
اختلف الفقهاء في تفسير الآية الكريمة { وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران (97).
هل يكون أداؤه على الفور أم على التراخي وهو قول الشافعية والأوزاعي وسفيان الثوري ومحمد بن الحسن، مستدلين على صحة قولهم بأن هذه الآية نزلت في السنة الثالثة للهجرة في المدينة المنورة ولم يقم الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء الحج حتى السنة العاشرة من الهجرة مع أنه فتح (مكة) في السنة الثامنة للهجرة، وكلّف أبا بكر أن يالحج في السنة التاسعة مع قدرته على الأداء في هذين العامين (الثامن والتاسع).
وذهب الفريق الثاني إلى وجوب الحج على الفور وهو قول أتباع أبي حنيفة وابن حنبل والظاهرية والمتأخرين من أتباع مالك والشافعي، ودليلهم على ذلك أن نزول فرض الحج كان متأخراً في السنة التاسعة أو العاشرة، بدليل أن صدر السورة نزل عام الوفود، عندما قدم وفد نصارى نجران على الرسول صلى الله عليه وسلم فصالحهم على أداء الجزية في عام غزوة تبوك، وفي هذا العام فسّر النبي معنى الآية بقوله: " من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً" كما رواه الإمام الترمذي، أما لماذا لم يحج الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا العام (التاسع) فلأن المشركين كانوا يحجون البيت ويطوفون حول الكعبة عراة، إلى أن نزلت الآيات الكريمة من سورة التوبة، والتي تنهى المشركين عن الاقتراب من البيت الحرام، والتي نادى بها أبو بكر في الناس في تلك السنة، فلما علمها الناس، صار الحج مناسباً للرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فحج في العام العاشر مباشرة.
والرأي الراجح عندي وجوب أداء هذه الفريضة على الفور إذا تحقق شرطا الاستطاعة وهما المال والصّحّة؛ وذلك لأن الإنسان لا يعلم الغيب، ولا يدري متى يموت والعبادات لا تؤجل، لأنه إن مات وهو مستطيع مات عاصياً، وعليه فإذا قدر المستفتي على الحج وجاء وقته فلا يجوز له تأخيره باي حجة كان، ولو زوج ابنته قبل موسم الحج وأنفق ماله عليها ولم يبق له مال يحج به فلا يجب الحج عليه.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.