2009-11-19 • فتوى رقم 41009
لي أخت تركت تعاملي معها منذ 4 سنوات، وأخ على خلاف معه منذ أكثر من سنة.
أولا: أختي كانت السبب الرئيس في وفاة والدي رحمه الله لما دار بينهما قبل وفاته بيوم واحد، وقد اتصل بي وقتها والدي رحمه الله وأخبرني بما دار بينهما، وبعدها بعدة ساعات عرفت أن والدي توفي من قهره وحزنه لما حدث مع أختي... بالإضافة إلى أنه عند مرض أمي (بالسرطان في المخ) قامت أختي أثناء العلاج بمعاملتها بشيء من القسوة إلى أن تم سفر والدتي معي (حيث أنني أقيم في دولة عربية) وتوفيت بعدها بأربعة أشهر بعدما كنت أرعاها في آخر أيامها... كذلك هناك العديد من المواقف السيئة التي حدثت على مدار 4 سنوات بيني وبين أختي، وبالتالي كانت تزداد الفجوة بيني وبين أختي إلى أن كرهت أن أسمع أي أخبار عنها، وأنا الآن منذ أكثر من 4 سنوات وأنا لم أرها ولم أتعامل معها.
أما أخي فمنذ سنة، وهو وقف أمام زواجي بالرفض بدون مبرر لشخص زوجي، وقام بأخذ سيارتي عنوة وعندما رفعت قضية إثبات ملكيتي قام بالحلف على المصحف بأنها سيارته أمام القاضي بالرغم من تحذير القاضي له من أن يقوم بالحلف كذبا على المصحف لكنه لم يتردد وقام بالحلف، وبعدها انقطعت عنه نهائيا، ولم اسمع عنه شيئا.
وسؤالي: هل أنا مذنبة لمقاطعتي لأخوتي؟ علما بأنني حاولت مرارا أن أسامحهما لما فعلوه بي وبالوالدين رحمهما الله لكني لم أقدر... وأخشى أن يعاقبني الله عز وجل على مقاطعتي لإخوتي.
أرجو المساعدة والنصيحة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا يجوز لك مقاطعة أخيك وأختك على الرغم مما كان بينكما لأن في ذلك قطع رحم.
ولا خلاف في أنّ صلة الرّحم واجبة، وقطيعتها معصية كبيرة، لقوله تعالى :«وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» (النساء: من الآية1)
وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ((من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليصل رحمه)) رواه البخاري.
فعليك أن تصلي رحمك ولو كان سبب القطيعة منهم، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)) رواه البخاري.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: ((لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)) رواه مسلم.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))، أخرجه البخاري.
وعليك أن تنصحي أخاك بالحكمة برد السيارة لك أو توكلي من ينصحه بذلك، ويذكره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ، قَالَ قُلْتُ: لَا ، قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ) ثَمَنًا قَلِيلًا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ))، وأوصيك بالدعاء له بالهداية.
ولك أن تجعلي علاقتك بهم رسمية في الحدود الدنيا إن خفت المشاكل، ولكن دون قطيعة تامة، وأسال الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.