2009-12-14 • فتوى رقم 41509
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد الرجال في عائلتي أخبرني أن المرأة لا حق لها في التفكير أو إبداء الرأي في أي شيء أمام وليها الشرعي سواء كان الزوج أو الأب .... إلخ
وأن الولي أو الزوج على وجه التحديد هو الذي يفكر لها ويأمرها وهي تجب عليها الطاعة فقط والتنفيذ
واستند في رأيه إلى تفسير القرطبي لآية القوامة حيث قال :
وَهُوَ أَنْ يَقُوم بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبهَا وَإِمْسَاكهَا فِي بَيْتهَا وَمَنْعهَا مِنْ الْبُرُوز.
وأخذ معنى تدبيرها أي التفكير لها وهي لا تفكر أبدا ولا يكون لها رأي.
ويقول أيضا قريبي أن المرأة لا يجب عليها نصح زوجها إذا رأت منه اعوجاجا أو تصرفا خاطئا.
لأنه هو القيم عليها ولا يجوز أن تنصحه لأنها أقل منه منزلة.
ولا إثم عليها إذا اقترف هو الخطأ وسكتت هي عنه.
فهل هذا الرأي صحيح ؟
جزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالمرأة تفكر وتدبر وتنصح ويؤخذ برأيها وتستشار...، ووليها الشرعي يساعدها على الاختيار، ويردها إلى الصواب إن أخطأت، ويمنعها من المحرمات إن وقعت فيها، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير شاهد على ذلك.
وحسبك دليلا على ذلك مشورة أم سلمة التي أشارت بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بنحر الهدي وحلق الشعر (التحلل من الإحرام) وتأجيل العمرة إلى عادم قابل بعد أن عاهد قريشا على ذلك، فاشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم فقد روى البخاري في حديث طويل أذكر لك منه موضع الشاهد، ((... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا...)) وكيف لا يكون للمرأة رأي ومشورة وقد أقر النبي أم سلمة وعمل بمشورتها؟!
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.