2009-12-24 • فتوى رقم 41698
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور بارك الله فيكم، وفي عمركم وفي علمكم، وأسأل الله أن يزيدكم همة وعلما وأن ينفع بكم وأن يجعلكم منارة هدى لكل تائه وضال.
ما الذي تقولونه حول الفتوى المتعلقة بحسم نفقات الزوع والثمار قبل الزكاة؟
لأنني قرأت في الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ تحت عنوان" هل تحسم النفقات التي تصرف على المزروعات؟"
:" ينفق المزارع عادة على زراعته نفقات مثل ثمن البذار والسماد وأجور الحرث (الفلاحة) والري والتنقية والحصاد وغير ذلك.
جاء في الفتوى رقم (15) في ندوة البركة السادسة في جدة أن هناك آراء ثلاثة في الموضوع، رأي بحسم جميع النفقات، ورأي بعدم حسم التكاليف، ورأي متوسط بإسقاط الثلث من المحصول، ثم إخراج الزكاة من الباقي، وقد اختار الحاضرون الرأي الثالث المتوسط، ثم يتم حساب الزكاة بإخراج العشر إن كان الريّ بماء السماء، ونصف العشر إن كان بآلة.
وهذا مستمد من كلام ابن العربي في شرح الترمذي، عملاً بحديث النبي صلّى الله عليه وسلم: « دعوا الثلث أو الربع » والذي عليه عمل المسلمين والمذاهب الأربعة كما ذكر ابن حزم في المحلى ( 258/5 )..."
ولم أقف على الرأي الذي يرجحه الدكتور كما قرأت للدكتور رأيين في موقعه على الانترنت في زكاة الزروع:
الأول جواب حول سؤال : حصد زرعه فكان النتاج 50 كيسا،ً علماً بأن صاحب الحصادة حصد الزرع اعتماداً على الدونم، وليس النسبة لأن الزرع غير جيد فكان نصيبه 45 كيساً ولم يبق لصاحب الزرع سوى 5 أكياس فماذا يفعل بشأن الزكاة؟
فأجاب : هذا الاتفاق على هذا النحو فيه غبن واضح بمالك الزرع، والمقرر عند الفقهاء أن زكاة الزروع والثمار على مالك الزرع والثمر حين تصلب الحب وصلاح الثمرة، اقتطاع شيء من نفقات البذر والسقي والحصاد والسماد ونحو ذلك، وتصحيح هذا العمل يكون بالمصالحة بين المالك والعامل لإعطاء حق الزكاة للمستحقين قبل هذه القسمة الجائرة التي وصفتها في السؤال.
فيفهم أن النفقات يقتطع من النتاج جزء مقابلها.
وقرأت للدكتور جوابا آخر حول سؤال يقول: يأخذ أصحاب معاصر الزيتون نسبة معينة من الزيت أجرة لعصر الزيتون، فهل يجب إخراج الزكاة عن الزيت الصافي بدون الأجرة؟ أم عن كامل الزيت مع الأجرة؟
فأجاب:
الزكاة على الزيت عند الموجبين لها تكون دون حسم (خصم) الأجرة والنفقات، أي على كامل الناتج، إن بلغ نصاباً في رأي بعضهم وهو 653كغ، وتجب الزكاة عند الحنفية على قليل الناتج الزراعي وغيره.
فيفهم أنه لا يحسم شيء مقابل نفقات الزيتون فكيف صار ذلك علما أن الزيتون ينفق عليه من السماد والمبيدات أحيانا وأجور القطاف المكلفة جدا وكله لم يدخل في حساب المزارع؟
علماً أنني وقفت على رأي بعض أهل العلم في هذه المسألة كالدكتور البوطي الذي يقول بزكاة نصف العشر بالنسبة للمحاصيل ذات التكلفة أيا كانت وكذلك الدكتور القرضاوي الذي يؤيد الرأي القائل: بحسم كافة النفقات من قيمة المحصول وإذا وصل الباقي النصاب تحسب الزكاة ويؤيد هذا الرأي الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر ويقول:والرأي الذي نميل إليه هو الرأي الثاني [ أي رأي الدكتور القرضاوي] حيث لا صدقة إلا على ظهر غني، والنفقات عبارة عن مال أنفق من أجل الزرع والباقي هو الذي يمكن التصرف فيه ونقل ملكيته
وإنني أفتي بما يقوله الدكتور البوطي بحسم خمس بالمائة مقابل أي تكلفة في أي محصول ومنها الزيتون.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي:
مَا يُطْرَحُ مِنَ الْخَارِجِ قَبْلَ أَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ الْخَارِجِ ، فَلا يُطْرَحُ مِنْهُ الْبَذْرُ الَّذِي بَذَرَهُ وَلا أُجْرَةُ الْعُمَّالِ أَوْ كَرْيُ الأَنْهَارِ أَوْ أُجْرَةُ الْحَافِظِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْكُلِّ ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِتَفَاوُتِ الْوَاجِبِ لِتَفَاوُتِ الْمُؤْنَةِ ، وَلَوْ رُفِعَتِ الْمُؤْنَةُ لَكَانَ الْوَاجِبُ بِنَفْسِ الْمِقْدَارِ ، وَاسْتَظْهَرَ الصَّيْرَفِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ إِنْ كَانَ جُزْءًا مِنَ الْخَارِجِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ كَالْهَالِكِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْبَاقِي (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّرْعِ إِنْ كَانَتْ دَيْنًا يُسْقِطُهَا مَالِكُهُ مِنْهُ قَبْلَ احْتِسَابِ الْعُشْرِ ، قَالَ أَحْمَدُ : مَنِ اسْتَدَانَ مَا أَنْفَقَ عَلَى زَرْعِهِ وَاسْتَدَانَ مَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ ، احْتَسَبَ مَا أَنْفَقَ عَلَى زَرْعِهِ دُونَ مَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ . قَالُوا : وَذَلِكَ لأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ الزَّرْعِ ، فَالْحَاصِلُ فِي مُقَابَلَتِهِ يَجِبُ صَرْفُهُ إِلَى غَيْرِهِ ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ ، وَهَذَا بِخِلافِ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّهَا لا تَسْقُطُ مِنَ الْحَاصِلِ لأَنَّهُ مِنَ الأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (1) .
وَشَبِيهٌ بِمُؤْنَةِ الزَّرْعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ خَرَاجُ الأَرْضِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الْغَلَّةِ قَبْلَ احْتِسَابِ الزَّكَاةِ فِيهَا .
وَلَمْ نَجِدْ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَلامًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.