2009-12-31 • فتوى رقم 41826
السلام عليكم
فضيلة الشيخ: أعاني -عافاني وعافاكم الله تعالى - من أعراض الوسواس الذي بدأ في الأول يشغلني في الصلاة، والحمد لله تمكنت من احتوائه إلى أن عصيت ربي ووقعت في الزنا والعياذ بالله، فبدات تراودني شكوك وأحاديث مع نفسي تؤرقني محتواها أن لي طفلا من تلك العاهرة التي زنيت بها، من العلم أنني استعملت العازل الطبي، ورأيته بأم عيني مملوءً بالمني بعدما أزالته عن فرجها لكني لم أتمكن من القضاء على هذه الفكرة التي لم أعد أستطيع أن أمضي في حياتي، وأنا أفكر فيها، وأقول أن لي طفلا من صلبي ينمو في أحشاء عاهرة وسيولد ويكبر ولن أعرف عنه شيئا وأنني سأحمل ذنبه إلى يوم الدين، وقد استعنت بالصلاة، ومجاهدة النفس لكن دون جدوى، والآن زاد هذا الوسواس حيث أصبحت أشك كثيرا وألقي بالذنب على نفسي في أي فعل أقوم به، مثلا اليوم أعطيت لصديق لي يسكن لوحده سريرا لم تعد لي حاجة به، لكني ما أنفك أحاسب نفسي وكيف سيكون لي نصيب من الإثم إن زنى فيه مع العلم أنني أعطيته له لأنه كان في حاجة له وعلى أساس أن ينام فيه لوحده، سامحوني إن أطلت عليكم وأرجو منكم الجواب الشافي على معضلتي لأنني ولستة أشهر وأنا أعاني هذه الوساوس القهرية التي أعلم بأنها مجرد وساوس لكني لا أستطيع أن أقضي عليها وأخاف أن تكون من الوسواس الخناس لأنني أتعوذ بالله لكن سرعان ما تعود.
السلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الزنا من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنا منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
فما فعلته من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
والوسواس مرض نفسي كسائر الأمراض الأخرى، يصيب كثيراًً من الناس، ولا ينبغي الاستسلام له أو الخوف منه، ولكن لا بد من الدعاء إلى الله تعالى بصرفه.
وأرجو أن تكثر من قراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فهي تشرح الصدر وتيسر الأمور كلها، وسوف أدعو معك الله تعالى أن يصرف ويخفف عنك ما أنت فيه إن شاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.