2010-01-19 • فتوى رقم 42176
أنا مشكلتي أني تبت إلى الله، وأصلي وأصوم وأقرأ القرآن، والتزمت.
لكن المشكلة أني في بعض المرات أنسى نفسي وأشارك في الغيبة، يعني أتكلم على الناس ولكن ليس في العرض، بل في أمور الحياة،لكن أشعر بأني مذنبة، وأظل أسبوعاً ألوم نفسي، ولكن لا أعرف ماذا أفعل؟
أرجوك شيخي: ساعدني، فإني أكاد أموت من التفكير والقلق.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيتضح لك معنى الغيبة من خلال ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته).
ومما يعينك على الابتعاد عنها التفكر ملياً قبل التحدث بأي حديث، واستشعار مراقبة الله تعالى للعبد، وأن كل ما يلفظه الإنسان مسجل ومحاسب عليه، قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:18].
مع الإقلال من الحديث فيما لا يعني المرء، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟ قال: (لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه؛ تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) ثم قال: (ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل) قال: ثم تلا: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ حتى بلغ ﴿يعملون﴾، ثم قال: (ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروته، وسنامه؟) قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: (كف عليك هذا)، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به؟! فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ؛ وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وتذكر أن هذه الغيبة قد تذهب بالأعمال الصالحة للعبد، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون ما المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: (إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار).
كل هذا مع مجاهدة النفس، وعدم الاستسلام لهواها، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.