2010-01-19 • فتوى رقم 42177
السلام عليكم
ارتد شخص عن الإسلام سراً، ولم يظهر ذلك، ثم تاب الله عليه وهداه، وفي هذا الوقت كان لديه خاطر دائماً ما يأتى إلى ذهنه، هو أنه إذا ما عاد إلى ما كان عليه فلن يغفر الله له.
إلا أنه بعد فترة عاد إلى ما كان عليه، واستمر على هذه الحال قرابة عام ونصف، ورأى أن حياته أصبحت متخبطة، وشعر بقرب الوفاة، ويريد أن يتوب، ولكنه دائماً يقول: إنه يشعر أن الله لن يغفر له، متعللاً بالآية: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً) فهو دائم البكاء، شارد الذهن، لا يدرى ما يصنع.
فماذا تقولون في مثل هذه الحالة، وهل مثل هذا له توبة، وهل حقاً هذه الآية تنطبق عليه؟
وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فباب التوبة الصادقة مفتوح لهذا الشخص لم يغلق، وما يتعلل به إنما هو وساوس من الشيطان تأتيه لتصرفه عن الخير الذي يقبل عليه بالتوبة الصادقة النصوح التي إن تبعها عمل صالح فإنها تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه:82].
فما عليه إلا أن يبادر إليها قبل فوات الأوان، وأبشره بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الجليل عن الله عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي) رواه البخاري، فليكن ظنه بالله عز وجل خيرا، فإن الله هو الغفور الرحيم.
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب، فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال لا فقتله، فكمل به مائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة! انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة).
ثم إذا كان راضيا عن توبته فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.