2010-02-15 • فتوى رقم 42678
بعد وفاة والدي تقاسم الأهل التركة وأخذ كل واحد نصيبه، وتركوا لي ولإخوتي نصيبانا من التركة تحت إشراف أمي، ونظرا لأن أمي سيدة وحيدة ضعيفة ليس لديها أي خبرة في التجارة، تربص بعض الناس بهذه الأموال لذلك تم إبلاغ المجلس الحسبي (جهة حكومية تحتفظ للقصر بنصيبهم من التركة حتى يبلغوا سن الرشد)، وقام المجلس الحسبي بوضع أموالنا في البنك الذي يتعامل معه على هيئة نوعين من الشهادات: النوع الأول شهادات استثمار بفوائد شهرية لتكون بمثابة دخل شهري للأسرة، والنوع الثاني شهادات استثمار آجلة بمعنى أنك تضع 10 ألاف وتأخذهم 50 بعد مرور 5 سنين مثلا وذلك بشرط ألا تسحب المبلغ أثناء الفترة المحددة ولا تستطيع أمي ولا نستطيع أنا وإخوتي أن نأخذ أي مبلغ من النقود إلا بعد أن نبلغ سن الرشد، وبعد أن بلغت سن الرشد وبدأت ألتزم وأتعلم وعلمت عن خطورة الربا ذهبت للبنك ووقفت كل الشهادات التي عندي وخسرت طبعا خسارة كبيرة لأنني أوقفت الشهادات قبل الموعد المحدد ووضعت الأموال في حساب جار وكانت تتضمن أصل المال بالإضافة إلى الفائدة حتى تاريخ السحب.
والآن السؤال:
1-هل الشرع لا يفرق بين من وضع بيده الأموال في بنك يتعامل بالربا وهو يعلم الحكم وبين سيدة أرملة وصية على يتامى ليس لديها أي خبرة وضعوا لها أموال أبنائها اليتامى في المجلس الحسبي وبالتالي في بنك يتعامل بالربا وهي لا تعلم ولا تستطيع أن تسحب الأموال، فهل من يعلم الحكم وقام بالفعل يتساوى مع من لا يعلم الحكم ولم يقم بالفعل؟
2-ماذا أفعل وقد كانت أمي تأخذ الفوائد كل شهر لتصرف علينا وتطعمنا منها فهل كنا نأكل حراما لمدة 15 سنة أم أننا معذورون؟
3-بعد استحواذي على المال بدأت أدفع الزكاة سنويا، فهل يجب علي أن أخرج زكاة المال قبل استحواذي عليه وبأثر رجعي وهو ما يستحيل حسابه بدقة لأن الفوائد مركبة؟
4-الآن وبعد 7 سنين تقريبا دخل على حسابي أموال من مصادر أخرى حلال، وأنفقت أموالا كثيرة على زواجي وعلى أشياء أخرى، وأنا الآن أشعر بتأنيب الضمير فهل أجتهد لحساب الفوائد التي أخذتها وأتخلص منها، أم ينطبق علي قول الله تعالى في سورة البقرة (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
5-في حالة إذا ما كان هذا المال حراما فهل يمكن أن أصرفه لتجديد فرش مسجد أو توسيعه أو بناء مركز صغير لتعليم القرآن، أو بأن أجعله على هيئة مبلغ مالي تأخذه 50 أسرة كل شهر (إعانات مالية شهرية لعدد من الأسر الفقيرة)،وهل يمكن أن أتخلص منه بالتدريج (بمعنى كل سنة 20ألفا ولمدة 5 سنين) أم لابد أن أتخلص منه دفعة واحدة؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالربا من كبائر الذنوب لكن الإثم على من استثمر الأموال بالربا، أما من لم يفعل ذلك ولم يرض به فلا إثم عليه، وفي كل الحالات يجب التخلص من الفوائد الربوية بدفعها للفقراء والمساكين.
_ الإثم على الأم التي كانت تأخذ الفوائد وتصرفها على البيت، وعليها أن تتوب توبة نصوحا وتستغفر.
_ تجب الزكاة على البالغ إذا ملك النصاب وحال عليه الحول، أما الصغير الذي لم يبلغ الحلم فلا تجب عليه الزكاة عند بعض الفقهاء، فإن بلغ مالك النصاب فعليك أن تزكيه بعد كل حول من ملك النصاب بحسب مبلغه في نهاية الحول، وعليه فلابد من تقدير ذلك عن السنين الماضية.
لابد من تقدير تلك الفوائد وإنفاقها كلها للفقراء والمسكين ولا زكاة عليها.
_ لا مانع من دفع الفوائد للمساجد ودفعها للفقراء أولى، والاجتهاد في إنفاقها في أسرع وقت ممكن أفضل.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.