2010-04-28 • فتوى رقم 43620
السلام عليكم
أنا شاب أمارس العادة السرية منذ زمن كبير، وكانت إدمانا لي وأفعلها بكثرة في اليوم، ولكن من فترة سنتين بدأت أهتم بنفسي وأبتعد عن الإدمان هذا قليلاً, وفعلاً جعلت فعل العادة قليلا بسبب أني أمارس الرياضة وبسبب أنها ضارة لي صحيا وجسديا ونفسيا، ولكن لم أقدر أن أبتعد عنها بشكل دائم، وجربت العديد من التجارب وقرأت الكثير من المقالات عن العادة وأنا مثقف دينيا وطبيا بخصوص هذه العادة السيئة ولكن شهوتي قوية ولا أقدر على كبح جماحها بشكل دائم، وهنا يأتي سؤالي: لكي أبتعد عن العادة منذ فترة 6 شهور تقريبا, كنت أقول بالحلفان أني لن أقوم بفعل العادة أو لن أدخل إلى المواقع الإباحية وأثير نفسي لمدة أسبوع وهكذا..
ولكن للأسف كان الشيطان يغويني ويقلل إرادتي وعزيمتي وأقع في فعل العادة أو أدخل إلى هذه المواقع السيئة, وهكذا أكون كسرت الحلفان أمام الله.
وبالطبع كنت أندم كثيراً وأستغفر الله وأتوب إليه, ولكن عندما ترجع شهوتي وتقوى مرة ثانية ومن أجل أن لا أفعل العادة أو أضر نفسي أقوم بالحلفان مرة ثانية، وأحياناً لا أفعل العادة وحلفاني يكون صحيحا وأحياناً كثيرة أيضاً أنقض حلفاني...
وحاولت أن لا أحلف أبدأ على العادة أو على الأشياء الإباحية, ولكن وجدت نفسي أزيد من العادة وأرجع مدمنا لها مرة أخرى, وبالطبع عندما أكون مدمنا لها تأثر على حياتي الرياضية والنفسية وعلى حياتي عموماً..فلهذا كنت أحلف لأن الحلفان يجعلني أبتعد عنها.
ولكن طفح الكيل اليوم قبل كتابة هذا الموضوع كنت حالفا ومتعهدا أني لن أقوم بفعل العادة هذا الأسبوع
لأني أحسست أن نفسيتي وإرادتي قوية وأني أريد أن أقلل من العادة وأجعلها مرة أسبوعياً أو مرتين، ولكنني ضعفت اليوم أيضاً وفعلت العادة ونقضت حلفاني أمام الله..
وندمت كثيراً اليوم على كل الأيمان التي نقضتها بسبب العادة وبسبب شيء لا يستحق أن أجعل شكلي قبيحا أمام الله عز وجل..
ولكن ماذا أفعل، هذا الشيء حدث وانتهى وأصبح ماضيا؟
فأريد أن أعــرف ما حكم هذه الأيمان المنقوضة مع العلم أني لا أعلم عددها؟
ورأيت سابقا إحدى الفتاوى في المواقع الإسلامية تقول أن الحلفان على عدم فعل شيء خاطئ لا يكون مثل الحلفان الكاذب، بمعنى أن الاثنين مختلفان في التكفير..
فماذا أفعل لكي أكفر عن هذه الأيمان؟
وأصبح الحلفان شيئا أساسيا بحيث إذا لم أحلف أقع في العادة والشيطان لا يتركني.
مع العلم أني مهتم بالصلاة وأسمع القرآن وأحاول أن أكون قريبا من الله.
لأني كنت بعيدا عنه كثيرا لمدة طويلة، ولكني الآن إنسان جيد ولا أفعل الأخطاء إلا هذا الخطأ الذي لا يتركني، فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإذا حلفت وحنثت ثم حلفت وحنثت، فعليك كفارات بعدد ما حلفت.
أما لو حلفت أيماناً متعددة على شيء واحد، ثم حنثت فيها بعد ذلك، فيكفيك كفارة واحدة.
فعليك أن تقدر المرات التي حلفت بها ثم خالفت بعدها لتكفر عنها، تقدر ذلك جهد الاستطاعة.
وكفارة الحنث باليمين أحد أمرين على الترتيب: الإطعام أو الكساء لعشرة مساكين للقادر عليه، أو الصيام ثلاثة أيام متتابعات للعاجز عن الإطعام والكساء، مع العلم أنه لا يصح التكفير بالصوم مع القدرة على الإطعام أو الكساء؛ لأن الإطعام والكساء مقدمان على الصوم لقوله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيام ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة:89].
فالكفارة بعد الحنث باليمين (لا قبله) هي إطعام عشرة مساكين، بمعنى التصدق على كل واحد منهم بمقدار قيمة /2/ كغ من القمح، أو كسوتهم، فإذا عجزت عن ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام متتابعات.
والإطعام المقصود في كفارة اليمين هو تمليك الطعام أو قيمته للفقير، والطعام عند إطلاقه يراد به الطعام الأساسي وهو القمح أو الشعير أو الأرز أو...، والمقدار هو نصف صاع من القمح أو صاع من غيره من الأجناس الأخرى لكل فقير، ومقدار الصاع 3.5 كغ، ومن أراد إخراج القيمة، أخرج ثمن 3.5 كغ، أخرج ثمنها بحسب ثمنه في البلد الذي هو فيه، مع العلم أن إخراج القيمة جائز عند كثير من الفقهاء.
وعليك بمجاهدة النفس، والتذكر الدائم لله تعالى، وأنه مطلع على جميع حركاتك وسكناته، لا تخفى عليه خافية، وعليك أن تكثر من الالتجاء إلى الله تعالى، وتعلن له عجزك وضعفك، وتطلب العون والثبات منه، فذلك أنفع علاج لما تعاني منه، وعليك بالبعد عن الأسباب المسببة للمعصية ذاتها مع غض البصر عما حرم الله، وترك رفقاء السوء، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، ثم الانشغال بعمل علمي أو مهني يشغل كل الوقت، مع السعي للزواج ما أمكن ولو بالأرامل أو الأيتام أو العوانس، أو الاستعانة بالصوم فإنه وجاء ووقاية كما أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على طاعته، ويحفظك من معصيته، إنه سميع مجيب.
وإن وقعت _لا قدر الله_ في المعصية فأتبعها بتوبة صادقة نصوح، بالاستغفار والندم على المعصية والعزم الأكيد على عدم العود إليها، فبذلك يغفر الله لك إن شاء الله تعالى، فإن عدت إلى المعصية فعد إلى التوبة النصوح من جديد، روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)».
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.