2010-07-24 • فتوى رقم 44851
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخي الفاضل لقد اتصلت بكم هاتفيا مرتين أشكو من حال الرطوبة التي أجدها دائما بملابسي الداخلية -أعزكم الله- وهي عبارة عن رطوبة تخرج من القبل وليس لها علاقة بالشهوة الجنسية، ولقد أمرتني يا شيخي الفاضل بأن أتوضأ لها لكل صلاة وأن لا ألتفت لها إذا شعرت بها وأنا أتوضأ أو أصلي.
وعندما اتصلت بكم المرة الثانية (وقد قرأت عن الدكتورة رقية بنت محمد المحارب في مسألة الرطوبة للمرأة أو الإفرازات النسائية) أخبرتني يا شيخي الفاضل بأن أتجاهل هذه الرطوبة وأنها طاهرة وأن لا أتوضأ لها لكل صلاة وأن أتجاهلها
ولله الحمد والشكر.
ولقد كانت الدكتورة تقول في بداية كتابها "أحمد الله الكريم أن هذا البحث عرض على الشيخ ابن عثيمين فقرأه وراجعه قبل وفاته, وكانت له فتوى قبلُ وقد غيرها بعد اضطلاعه على مبحث الدكتورة رقية, وفيه توقيع بخط يده على فتواه الأخيرة
ولكني لم أعرف أين أبحث عن هذه الفتوى ولقد اعتمدت رأيكم الأخير بأن هذه الرطوبة طاهرة
وهذا مقتطف من الدراسة كما وعدتكم هاتفيا:
هل الرطوبة تنقض الوضوء؟
لم تجد من تكلم عن الرطوبة بإسهاب أو عدها من النواقض بدليل من الكتاب أو السنة أو إجماع ولا بقول صحابي ولا تابعي ولا أحد من الأئمة الأربعة ولو كانت ناقضا للوضوء لذكرها العلماء من النواقض ويستدل على عدم نقضها للوضوء بأمور:
أولا: لم يرد فيها نص واحد صحيح ولا حسن ولا ضعيف ولا قول صحابي، ولم يلزم أحد من العلماء أحدا من النساء بالوضوء لكل صلاة كحال المستحاضة
ثانيا: إن نساء الصحابة كسائر النساء في الفطرة والخلقة يصيبها هذا الأمر, وليس كما زعم بعضهم أن الرطوبة شيء حادث في هذا الزمان أو أنه يصيب نسبة من النساء ولا يصيب الجميع بل هو شيء لازم لصحة المرأة ولسلامة رحمها كحال الدمع في العين واللعاب في الفم...
ثالثا: كانت الصحابيات يصلين مع الرسول صلى الله عليه وسلم وربما صلى بالأنفال أو الأعراف أو الصافات ويطيل الركوع والسجود ولم يرو أحد أن بعضهن انفصلت عن الصلاة وذهبت لتعيد وضوءها فالأيام كثيرة والفروض أكثر وحرصهن على الصلاة خلف الرسول صلى الله عليه وسلم مستمر وبلا ريب أنه يصيب إحداهن ما يصيبنا نحن في الصلاة
رابعا: أن تكليف المرأة بالوضوء لكل صلاة لأجل الرطوبة أو إعادتها للوضوء إذا كانت متقطعة شاق، وأي مشقة من الاحتراز من سؤر الهرة الطوافة بالبيوت حتى جعل الله سؤرها طاهرا وهي من السباع
خامسا: أن الله جل وعلا سمّى الحيض أذى وما سواه فهو طاهر فما كان طاهرا فكيف ينجس, وما كان طهرا فكيف يوجب الوضوء!
سادسا: أخرج البخاري في كتاب الحيض/ باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض عن أم عطية قالت: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا)
سابعا: إن جعل الرطوبة من نواقض الوضوء مع خلوّه من الدليل يحرج النساء (وما جعل عليكم في الدين من حرج)
ومَن التزمتْ بالوضوء من الرطوبة وتمكنت من العمل بمقتضاها في بيتها فإنها لا تتمكن منها في الحج والعمرة ولاسيما المواسم والزحام، وهل ستعمل به تارة وتارة تتركه هل يصح أن يكون ذلك حدثا أحيانا ولا يكون حدثا أحيانا أخرى
ثم إذا توضأت وصلّت ووجدت شيئا من ذلك ولم يكن مستمرا اضطرت لقطع صلاتها وإعادة الوضوء على الفتوى بأنه إذا كان متقطعا لزمها إعادة الوضوء وهذا عسير ولا طاقة للمرأة به والله تعالى لم يكلف عباده إلا بما يطيقون.
وشكرا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
إفرازات الطهر التي تجدها المرأة في المهبل وتسميها الطهر غالباً، هي إفرازات مختلف فيها من حيث نجاستها ونقضها للوضوء، وأغلب الفقهاء على أنها نجسة كالبول وتنقض الوضوء.
فلك أن تعملي بأي من المذهبين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.