2010-08-02 • فتوى رقم 45077
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ: أنا امرأة موظفة، وفي يوم طلبت مني مديرتي في العمل أعمالا عاجلة تتعلق بعملي يجب أن أسلمها من يوم غد لأن لدى المؤسسة برنامجا كله قائم على هذه الأعمال التي سأقدم، وأنا المسئولة عنه..
وفي هذه الأثناء كنت موجودة عند أمي نظرا لسفر زوجي ..
وبالفعل بدأت بالعمل، وفجأة ضرب الحاسوبَ فيروسٌ لم يكن بالممكن - حسب رأي المختص - الخلاص منه إلا بضياع ملفات عملي كلها، فجلست تلك الليلة - وقد حرمت نفسي النوم - كون الأعمال مطلوبة مني في الغد، جلست تلك الليلة أبحث في الانترنت عن حلّ أستطيع به استخلاص ملفاتي، وأصبحت تحت ضغط الوقت بكل ما فيه من ضغط نفسي، إذ إن البرنامج المُقدم في غد - وقد تم الإعلان عنه للجمهور - مهدد بالانهيار إذا لم أقدم ما طُلب مني - وليس من بديل عنه - وفي ذات الوقت أعاني في البحث عن حل لإنقاذ ما أنجزته مع بقية ملفاتي - وكُنتُ قد قطعت شوطا كبيرا - ..
وفي أوج أزمتي التي حصل بالكامل أمام سمع وبصر أمي، فوجئتُ بها تطلب مني أن أشرح لها درسا معينا، فأوضحت لها بأدب وبصراحة وبهدوء أنني مشغولة جدا، وسأتمكن من الشرح لها بمجرد انتهائي من عملي وتسليمه بإذن الله، خصوصا وأن أمرها كان في سعة والوقت أمامها طويل حتى نهاية الأسبوع، لكنها غضبت غضبا شديدا مني وقالت كلاما كثيرا جدا، ومما قالته: أنني إنسانة لا تهتم إلا بمصلحة نفسها ومصلحة أولادها فقط !!
وقد كنتُ في أثناء كلامها أحاول تمالك نفسي، لكنّ كلمتها هذه جعلتني أرد عليها بكلام كثير ومنه أنني لن أشرح لها أبدا ..
السؤال يا شيخ وفقكم الله:
هل يجوز لي شرعا ترك الأعمال المتعلقة بالغير والتي كُلفت بها وهي من صميم عملي، خصوصا وأن مصالح الغير ستفوت بفواتها لأجل أن أشرح لوالدتي شرحا هي تحتاجه بعد حين؟ وهل هذا يُعتبر عقوقا يا شيخ لها؟
علما بأنني ابتداءً حاولتُ إيضاح الأمر لها - برغم أنها تعرفه وتراه أمامه منذ يوم - بهدوء وبأدب، ولقد خرجتُ عن سكوتي بعد ذلك فقلت كلاما كثيرا لها بعد أن جرحتني بعبارتها..
الآن كل من حولي - رغم أنني أوضحتُ لهم الأمر مرارا - يقولون لي أنت مخطئة وعاقة، وسيعاقبك الله في الدنيا والآخرة على هذا العقوق، ويقولون لي أنه كان ينبغي أن أترك كل ما في يدي وتشرحين لها ما تريده، ولتضع ساعة أو ساعتان، مع أنني فعلا لو شرحت فسيأخذ الشرح وقتا ليس بالهين، وسيُفوِّت مصالح العمل المتعلقة بي بكل تأكيد ..
إضافة يا شيخ أنهم يلومونني على ما واجهتها به من الكلام ويقولون لي أنكِ بكل ما قلته تكونين عاقة لها، حتى وإن جرحتك .. حتى وإن قتلتك !!
ألستُ يا شيخ إنسانة من لحم ودم لها شعور وإحساس؟ ولي واجباتٌ علي يجب أن تقدِّر أمي أنها مطلوبة مني بدلا من أن تشهر سيف العقوق في وجهي بين فترة وأخرى ؟؟
خصوصا وأنها أدخلت ولد خالة لي في القصة وشرحت له كل ما حدث، بل وأكدت أمامه أنني فعلا إنسانة لا تهتم إلا بمصلحتها ومصلحة أولادها وفقط !!
فهل ليس لي حق في ذلك يا شيخ أم ماذا؟
جزيتم خيرا ..
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلم تخطئي بالاعتذار لها والتأجيل...، لكن أخطأت بالرد على كلامها القاسي بكلام لا يليق مع الأم، فعليك الآن أن تسارعي في برها والإحسان إليها، وأسأل الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.