2006-04-08 • فتوى رقم 4508
السلام عليكم
ضاقت بي السبل فأرسلت أستشيركم علي أجد ما يريح نفسي.
أنا فتاة في الـ 23 من عمري، تخرجت الصيف الماضي وكنت متفوقة في دراستي والحمد لله، وأنا الآن معلمة في إحدى المدارس، التزمت والحمد لله منذ عدة سنوات وقد واجهت ولا زلت أواجه صعوبات كثيرة بسبب تديني كون عائلتي غير متدينة وبيئتي بعيدة كل البعد عن التدين، حتى أني أحيانا أكره الخروج لأن الناس تنظر إلي بسخرية بسبب لباسي الجلباب، وكنت أستخدم النت، وتعرفت صدفة على شاب رغم أني لا أحادث الشباب ولكن لا أدري كيف ارتحت له، وكنا نتحدث في الدين، وحين علم أمر تديني وما أعاني بدأ يعينني ويساندني، ثم أبدى رغبة في الزواج بي، رفضت أول الأمر لعلمي أن أبي لا يوافق كونه من بلد آخر، فأنا لبنانية وهو من الأردن، وقد طلبني سابقا شاب أردني ورفضه أبي لأني وحيدة على ثلاث شباب وأبي متعلق بي جدا، لكن الشاب كان يصر، ولأني ارتحت له كثيرا وتعلقنا ببعض قبلت، وفعلا جاء لبلدي وطلبني من أبي وقد وافق أبي وسعد به جدا، فهو شاب قل مثيله في أيامنا والله أعلم به، ولكنه على خلق ودين عظيم، وبعد فترة رفض أبي لأنه يريدني أن أبقى بقربه ولا يريد أن يزوجني لبلد آخر، وبقي أبي يرفض مرة ويقبل مرة فترة طويلة والشاب يصبر، وحتى أني أحيانا كنت أخبره أن نترك بعضنا لأني لا أريد له أن يتعذب بسببي، وبقي مصرا وقد أرسل أبي ناسا كثيرين يسألوا عن الشاب في بلده، ولم نسمع عنه إلا خيرا، ومن معرفتي به أثق بحسن دينه وخلقه وقد بانت أصالته في أكثر من مرة، وأخيرا جاء وأمه ليطلبني للمرة الخامسة عسى أبي أن يرأف به وبأمه ويقبل لكن أبي رفض، وأنا الآن تائهة لأني متعلقة بالشاب لأبعد حد وهو كذلك، لكن الشاب الآن يقول لي أن نقبل الأمر وننسى بعض لأن أبي لن يوافق، وهو يخشى أن يستمر في المحاولة مع بي وأبقى بانتظاره ولا يرضى أبي، وفي النهاية يكون تقدم بي العمر وضاعت علي فرصة الزواج منه أو من غيره، وهو الآن ينوي السفر وأنا أعرف أنه يريد هذا ليجعلني أفقد الأمل ولا أنتظره كي لا يضيع عمري بلا زواج، لكني أعلم أن أبي لن يبقى على عناده طويلا، فحين يرى أني لا زلت أحب الشاب ولم يتقدم لي من آمنه على نفسي لأن الشباب في بيئتي لا يفكرون بمثلي بل وينفرون منها ويهزؤون بها سيغير رأيه ويقبل، علما أن للناس تأثيرا كبيرا في رفضه، فكلهم يقولون له كيف تزوج ابنتك الوحيدة للغربة... ومن هذا الكلام، لا أدري ماذا أفعل، هل أوافق الشاب في أن نترك بعضنا وأنا أعلم أني إن تركته لن أجد مثله أبدا بحبه لي وبدينه وأخلاقه وحرصه علي، أم أحاول إقناعه بالعدول عن هذا الأمر والمحاولة مجددا رغم أن أبي كان قاسيا معه ومع أمه في زيارتهم الأخيرة، والشاب مجروح من هذا الأمر، أرجو أن تهدوني في أمري فأنا حائرة، وأرى الحياة صعبة من دونه فهو كان بعد الله نعم السند والملجأ لي، وأنا أعلم مدى عذابه لبعده عني، أرجو أن تفيدوني وإن كان رأيكم أن لا أتخلى عنه فأرجو أن تفيدوني كيف أقنعه أن تركه لي ليس لصالحي كما يعتقد؟
أسال الله أن يجزيكم كل خير، وأعتذر للإطالة، لكن اللوعة في نفسي لا يعلمها إلا الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أولا أبارك لك التزامك بالحجاب، وأسال الله تعالى لك التثبيت.
ثم أرجو من الله تعالى أن يشرح صدر والدك للحق والخير، وليس أمامك إلا أن تقنعي والدك به ما دام من أحسن الناس كما ذكرت، أو أن تطلبي ممن له كلمة عند والدك من الأقارب أن يحمله على الموافقة، أو من العلماء الذين يقدرهم والدك ويحترمهم، ولعله يرضى، وأوصيك أن لا تتزوجي من هذا الشاب إلا بعد رضا والدك، فإذا تعذر ذلك، فأدعو لك بأن يوفقك الله تعالى إلى الشاب الذي يستحقك ويرضى عنه والدك، وأن يوفق للشاب المتدين الذي يخطبك الآن أيضا فتاة تناسبه، والله تعالى على كل شيء قدير، وأرجو لك التوفيق.
ولك رفع الأمر للقاضي للبت في الموضوع، ولا أنصحك بالزواج منه بدون ذلك، لما قد يترتب عليه من الضرر، ولو تزوجت منه بدون موافقة الولي ولا القاضي فالزواج محل اختلاف الفقهاء، فمنهم من أجازه ومنهم من أفسده.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.