2011-03-20 • فتوى رقم 48200
أنا سيدة مطلقة وليس لي أولاد ولي أخ وأخت، مرض أخي من 4 شهور ويحتاج لرعاية كبيرة حيث إنه لا يستطيع خدمة نفسه أو الحركة، وكنت أتوقع أني وأختي نقوم بهذه المهمة ولكنها تركتني بمفردي بحجة أنها لا تستطيع التواجد كثيرا في هذا الجو الكئيب خوفاً على نفسها من المرض، ثم بعد ذلك زوجها قال لها أن المفروض أن أقوم بهذا بمفردي دون مساعدة منها لأني متفرعة وليس لي زوج على حسب قوله، فما كان منها إلا أن وافقته الرأي وأصبحت تأتي لزيارتنا لمدة عشر دقائق في اليوم لا أكثر، وعند معاتبتي لها لأني أشعر بالتعب من القيام بهذا بمفردي تشاجرت معي وقالت لي أني أريد خراب بيتها وقاطعتني ولا تكلمني حتى عندما تأتي لزيارة أخي، علماً بأن زوجها كان دائما يغار أننا إخوة متحابون ويحاول التفريق بيننا بناء على كلامها وليس كلام أحد آخر، وكان دائما يحاول إقناعها بأننا نريد أن نهدم بيتها، ولكنها فعلا بدأت بالابتعاد عنا، ماذا أفعل فأنا أخاف من قطع الرحم مع العلم أنها هي من قاطعتني ولا أستطيع أن أبدأ بمصالحتها لأني أشعر بظلم كبير منها نتيجة تصديقها أني أريد هدم بيتها ولأنها تخلت عنا في هذه الظروف وتركتني أتحمل هذا العبء الكبير وحدي؟
وشكرا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا خلاف في أنّ صلة الرّحم واجبة، وقطيعتها معصية كبيرة، لقوله تعالى :«وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» (النساء: من الآية1)
وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ((من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليصل رحمه)) رواه البخاري.
فعليك أن تصلي رحمك ولو كان سبب القطيعة منهم، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)) رواه البخاري.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: ((لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)) رواه مسلم.
كأنما تسفهم المل: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطعيته، وإدخالهم الأذى عليه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))، أخرجه البخاري.
ولك أن تجعلي علاقتك بها رسمية في حدودها الدنيا، ولن يضيع الله لك عنايتك بأخيك، بل سيكون ذلك ذخرا لك في الدنيا والآخرة إن أخلصت النية لله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يصلح بينكما، ويعظم لك الأجر.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.