2011-04-01 • فتوى رقم 48493
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فقد قرأت وبحثت واجتهدت في أغلب المواقع والمنتديات الإسلامية عن كل الفتاوى المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والمتعلقة تحديدا ببرامج الحاسب الآلي (كالويندوز والأوفيس) ونسخ هذه البرامج وغيرها، وخلصت إلى أن أهل العلم أفتوا بثلاثة أقوال:
الأول: الحرمة بالكلية وذلك إذا كان أصحاب هذه البرامج قد أصدروا هذه النسخ كملكية خاصة ويبيعونها ولهم حقوق طبع وإصدار محفوظة ولهذا فلا يجوز التعدي عليها.
الثاني: الإباحة بالكلية وذلك لما فيه من حجب المعلومات عن المسلم ولابد من نشر العلم والانتفاع به وعدم التأخر بالأمة وخاصة إذا غالى أصحابها في أثمانها وعجز المسلم عن شرائها أو الوصول إليها كنسخ أصلية.
الثالث: التوسط وهو الإباحة إذا كانت للاستخدام الشخصي والانتفاع بها على حدود الشخص والحرمة إذا تم الانتفاع منها ماديا أو تجاريا أو بيعها أو عمل تم بها.
وفي الأقوال الثلاثة استندوا إلى أدلة من القرآن والسنة، ولكن فتن الناس بهذه الفتوى لأسباب كثيرة ربما لم تخطر ببال سيادتكم :
أولا: أن الفتاوى كلها جاءت على أدلة كثيرة منها احترام "المسلمون على شروطهم" وأن الكافر غير الحربي، فلما قرأنا الفتاوى قلنا: إذا كان الوضع بالنسبة للمسلمين احترمناهم ولكن ماذا عن الكافر غير الحربي؟ كيف أحدد أن هذا الشخص كافر حربي أم لا؟ وبحثنا كثيرا وعلمنا ما هو الكافر الحربي ولكن من يملك هذه الأنظمة التي نعمل عليها واحتكروها هي شركة ميكروسوفت والمالك لها (بيل جيتس) فهل بيل جيتس كافر حربي؟ فإن كان كذلك استحللنا ما ينتجه من برمجيات تخصه وإن كان كافرا غير حربي احترمناه فكيف لنا أن نعرف ذلك؟ ومن الذي يفتي بذلك؟ ثم هذه الشركة تابعة لأمريكا فهل نأخذها بالذنب بأنها دولة كافرة حربية أو دولة كافرة غير حربية ولكنها ظهيرة لأخرى حربية؟ وإذا كان (بيل جيتس) غير حربي فربما كان ظهيرا لآخر حربي، فما العمل؟!
ثانيا : يوجد البديل لهذه الأنظمة ولهذه البرامج ومجانية كلها وأغلبنا على دراية بذلك وهي (اللينكس) ولكن تنقصنا الكثير من البدائل التي لا مفر منها عن (الويندوز) وهي البرامج الهندسية تحديدا، وحتى إن كان هناك بدائل فنحن لا نستطيع العمل عليها لأنها غير متعارف عليها في السوق ولا أحد يعمل بها، ولو ذهبا لأي مكتب أو شركة وقلنا لهم نحن لن نعمل على أجهزتكم لأنها ليست بنسخ أصلية وكذا وكذا وكذا إلخ فسيطردوننا من العمل ساخرين مستهزئين مستنكرين بديننا كله وأنتم أعلم بذلك!
خاصة مجال مثل الهندسة المعمارية على سبيل المثال فلا يوجد استغناء مطلقا عن (الأوتوكاد) وهو برنامج للرسومات الهندسية والتصميمية والتنفيذية بل ونتعلمه في جامعاتنا، ثمنه الحقيقي يتعدي 4000 دولار - وأنا لا أملك هذا المبلغ إطلاقا بل أقسم بالله أني لا أملك سوى قوت يومي فقط لا غير - ونحن نستخدمه مجانا بعد سرق النسخة وفك تشفيرها فماذا نفعل؟ يوجد له بديل مجاني وإن استخدمناه فهو لا يقوم بأداء المهمة بالكفاءة المطلوبة ويحتاج إلى نظام تشغيل آخر مختلف تماما لأن الأوتوكاد يعمل على بيئة (الويندوز) في حين أن بديله يعمل علي بيئة (اللينكس) وإن قمت بذلك لجهازي الشخصي فيستحيل أن أقوم بذلك في كل شركة أعمل بها أو في كل مكتب أعمل به! بل سأقابل بكل السخرية والاستهزاء والتهكم والطرد إن أمكن! وسيدفعني الأمر إما إلى استخدامه مسروقا أو ترك العمل بالمكاتب والعمل بالمواقع، وإذا سألني أحد عن الأوتوكاد سأكذب وأقول: لا أعرف كيفية تشغيله حتى لا يطالبني أحدهم بالعمل عليه! وبالطبع سيشكّون في أمري وفي النهاية سأترك العمل مطلقا وأبحث عن مجال آخر! وقس على ذلك سيدي الفاضل في باقي البرامج، وليت الأمر متعلق بهذا البرنامج فقط بل هناك أكثر من أربعة أو خمسة برامج مثل هذه الكيفية في هذا المجال تحديدا وهو مجالي. فهل خطأي أنني أصبحت مهندسا معماريا أم إن خطأي أنني أريد أن أتحرى لديني الصواب، اتبعوا سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ! هل هذا ذنبي؟!
وأخيرا وفقنا وإياكم لما فيه من الخير والإصلاح
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
سيدي: اعمل بالقول السابق فأفتني بحق وإني بفتواك لمن العاملين ومن المصدقين ولا تستثن حالتي من الحق ومن اليقين حتى لو وصل الأمر إلى تركي مهنتي بالكلية والبحث عن عمل آخر فسوف أفعل ذلك ولكن فقط إن كان ذلك يرضي الله ورسوله
والسلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا الموضوع يدخل تحت اسم الحقوق المعنوية أو الأدبية، وهل هو مال أم لا، وقد اختلف المعاصرون من الفقهاء في شرعية الاستفادة من هذه الحقوق بدون إذن أصحابها، فذهب البعض إلى أن هذا النوع من الحقوق أموال كسائر الأموال الأخرى، فلا يجوز لأحد أن يستفيد منها إلا بإذن من صاحبها ومالكها، وذهب البعض إلى أنها ليست أموالاً، ولهذا لا يجوز احتكارها ومنع الناس الآخرين منها، وأنا أميل إلى رجحان القول الثاني.
وعليه فلا حرج عليك في ذلك إن شاء الله تعالى عند كثير من الفقهاء، فلك أن تيسر وتعمل بمذهبهم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.